الأردن وسوريا والعدوان على غزة

{title}
أخبار الأردن -

  سميح المعايطة

حديث اليوم ليس موجها للدولة السورية أو في سياق تقييم موقفها وتفاعلها مع العدوان على غزة لكنه للمقارنة في تعامل من يمارسون أحقادهم وتحريضهم على الأردن تحت مبرر الانتصار لغزة ونحن جميعا نعلم الدوافع الحقيقية لكل موجات الكذب والتحريض على هذا البلد وقيادته وشعبه.

سوريا في تصنيف «ثوار ومجاهدي الإقليم» من محور المقاومة ويقولون بحقها كل أنواع المديح لصمودها ومساندتها لقضايا الأمة، رغم أن جزءا من «مجاهدي» الإقليم انقلبوا على الدولة السورية بعدما جلسوا في حضنها سنوات طويلة وعملوا على إسقاط الدولة والنظام فيها عسكريا خلال سنوات الأزمة السورية لكنهم بعدما فشلوا عادوا يعلنون التوبة تحت أقدام النظام السوري الذي لم يقبلها لسنوات إلا بعد ضغوطات إيرانية لكنه ما زال يحمل موقفا لن تغيره السنين تجاه من غدروا به في أصعب اوقاته.

سوريا دولة لديها أزمة صعبة وشاملة نتيجة الحرب التي عاشتها وخسرت فيها جزءا من الجغرافيا والقرار وانقلب عليها بعض معسكر المقاومة طمعا في حكم الإقليم، وفي فترة العدوان على غزة وإلى اليوم أعلنت موقفا عاما ضد العدوان، وليس فيها تضامن شعبي حتى للفلسطينيين فيها لأن الأمر ممنوع، وتمارس حيادا واضحا للجميع، ولم تفتح حتى أبواب المساعدات الإنسانية، بل تتلقى بين حين وآخر هجمات طيران وصواريخ إسرائيل التي تقصف أهدافا لحزب الله وإيران، كما تشهد اغتيالات متتالية لقيادات «المحور"! على أرضها، كما تم قصف القنصلية الإيرانية في دمشق، وكل هذا يقابل بالصمت السوري وهو أمر متوقع وربما يكون ضمن تفاهم غير مكتوب بأن تلتزم الصمت حتى لو تم استهداف أرضها كل يوم.

ما يعنينا هو ثوار ومجاهدي الإقليم الذين لا يقولون شيئا عن سوريا ولا يطالبونها لا بفتح الحدود ولا بتحرير الجولان ولا بأي خطوة بما في ذلك الرد على انتهاك إسرائيل للأرض والأجواء السورية وتدمير وقتل قيادات وأسلحة ومقرات لمحور «المقاومة!!»، ولا يتهمون سوريا بالتخاذل أو تضييع حقوقها أو الصمت عن احتلال الجولان ولا حتى يطلبون منها السماح لمظاهرة أن تخرج مؤيدة لغزة.

وعلى الجانب الآخر لم يتوقف سيل الأكاذيب على الأردن من «ثوار ومقاومي الإقليم»، ولا تكاد كذبة تنتهي حتى تخرج اخرى والهدف تشويه وجه هذا البلد رغم أن ملف غزة هو الأول على أجندة الدولة، ورغم الوضوح في التصدي للمخططات الصهيونية، ورغم جسر المساعدات الذي لم يتوقف لغزة والضفة، لكن هؤلاء الثوار والمتباكين على فلسطين يغيظهم موقف الأردن وبدلا من شكره الذي لا يطلبه الأردن يقلبون الحقائق بأكاذيب يعلمها الجميع.

لا نقيم موقف الدولة السورية التي تفكر بمصلحتها خاصة بعد غدر رفاقها في محور المقاومة لها في أزمتها، لكن القضية مع حملة الأحقاد الذين يختبئون وراء شعار نصرة غزة ليوجهوا أحقادهم للأردن الذين لم تكن أرضه مستباحة لإسرائيل، ولم يتم اغتيال قيادات على أرضه ولم يتوقف عن فعل كل ما يجب لنصرة فلسطين دون كذب وادعاءات ومعارك وهمية، وحتى موقف الأردن في رفض استخدام ارضه أو اجواءه والذي مارسه منذ عقود وإلى اليوم فأن البعض من الثوار والمجاهدين وأبطال مواقع التواصل يكذبون على هذا البلد لأنهم يريدون أن نتحول إلى دولة ميليشيات يقودنا ضابط في حرس دولة اخرى.

وأخيرا لو أن إسماعيل هنية رحمه الله تم اغتياله في عمان وكان مقيما في ثكنات الجيش الأردني ووصل القتلة إلى مسافة قريبه من غرفته ووجهوا له صاروخا فهل كنا سنرى الصمت الذي نراه اليوم.

فترة العدوان على غزة ليست الأصعب لكنها قدمت للجيل الجديد تجربة مهمة مع جهات حولنا في الإقليم تكرر ما عاشته أجيال سابقة مع أنواع اخرى من الثوار..

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير