«المشروع الأردني» في خطاب الملك
سهم العبادي
لا يختلف اثنان بأن خطاب جلالة الملك في اليوبيل الفضي كان شاملاً وواضحاً على الصعيد الداخلي والخارجي، ويعتبر بالنسبة لكثير من المراقبين كتاب تكليف ساميا لكل أردني سواء كان في موقع المسؤولية أو مواطنا عاديا، فالخطاب حمل تاريخ 25 عاما من العطاء والإنجاز رغم التحديات العديدة، ولكن الخطاب بالوقت نفسه يحدد ملامح المشروع الوطني الأردني خلال المئوية الثانية للأعوام القادمة.
خلال الشهور الماضية طالب العديد من الأردنيين وأنا منهم بضرورة وجود مشروع أردني، يلتف حوله كافة أبناء الوطن، ليكون بوصلتنا خلال السنوات القادمة، وأن يكون شاملاً، ويضم كافة أطياف المجتمع الأردني ولكافة المحافظات، وأن لا يقتصر العمل على العاصمة عمان كما هو معمول به في كثير من الأحيان، وعلى أشخاص محددين.
الملك لم يوجه خطابه السامي إلى فئة معينة، بل خاطب أبناء شعبه جميعهم دون استثناء، وحثهم على العمل والعطاء، وتطويع التحديات وبناء الفرص وتحقيق الإنجاز وإطلاق الإمكانيات لأجيال الحاضر والمستقبل، فسيدنا في خطابه أكد إيمانه المطلق بالأردنيين وقدرتهم على الإنجاز والإبداع وتحقيق الريادة والابتكار، مثلما أكد جلالته على إيمانه الشديد بأن القادم للأردن هو الخير والازدهار، وهو ما نتطلع إليه جميعا كأردنيين.
هذا الخطاب يحتاج إلى مراجعة من الجميع للوقوف على كل كلمة جاءت فيه، فمنظومة الإصلاح الشامل، والقطاعات الاقتصادية، التعليمية، الصحية والوحدة الوطنية وهويتنا الأردنية كل ذلك كان من صميم خطاب الملك، والحفاظ على وحدة الصف واستقراره وعدم السماح للعابثين والمارقين والخوارج وأصحاب الفتن بالنيل من الأردن وشعبه، كذلك العمل من أجل الأردن ومستقبله ومواكبة التطورات العالمية ليكون الأردن حصنا منيعا وقويا وشامخا.
كافة مضامين الخطاب السامي جديرة بأن تكون مشروعا أردنيا للعمل على تحقيقه، ففيه ازدهار الدولة وقوتها ومستقبل أبنائها، وقد حدد الخطاب أهم المفاصل الي يجب أن نعمل عليها في مشروعنا الأردني القادم لتحقيق النهضة المنشودة، وأن لا نرتكن إلى الجلوس وانتظار جهود الآخرين، فقد كان واضحا للعيان أننا أمام مرحلة إذا أحسنا إدارتها، فقد نصل إلى نسبة متقدمة من الاكتفاء الذاتي وكذلك دولة الإنتاج التي نتطلع لها، وجميع هذه العوامل مرتبطة ارتباطا كليا وبصورة مباشرة بالواقع الاقتصادي لبناء الأردن الحديث المزدهر، لكنه قبل ذلك كله مطلوب من يؤمن بهذا الوطن وقدراته، وأن يكون لديه المعرفة والخبرة لا البحث عن المناصب، ويكتفي «بدق الصدور» كما قال سمو ولي العهد في مرات سابقة.
إذن، متفقون تماما أن الخطاب حمل مشروعا أردنيا مستقبليا، من مصلحتنا العليا وكأفراد العمل عليه في كافة المجالات، ومطالبين جميعا أفراد ومؤسسات قطاع عام ام خاص بالتقاط هذه الإشارات والتوجيهات الملكة السامية، ووضع خططنا الكفيلة بإنجاح هذه الرؤى الملكية، فتعهد الملك «بأن يبقى الأردن حرا عزيزا كريما آمنا مطمئنا»، يضعنا أمام مسؤوليتنا ودورنا في مساندة وطننا وملكنا وشعبنا، للوصول إلى الأردن القوي المزدهر بسواعد أبنائه وعقولهم وخبراتهم، التي بنوا فيها دولا عديدة، ونال من معرفتهم وتجاربهم الكثيرون في البناء والرفعة والتقدم.
أنا مع المشروع الأردني، الذي يعزز ويعظم إنجازات الوطن، ويمنحنا القوة والمنعة والازدهار، وسيكون ترجمة رؤى جلالة الملك قريبا على الأرض من قبل الذي يؤمنون بأن الأردن يستحق الأفضل والمؤمنين بقيادتهم ورؤيتها الثاقبة، وكما قال سيدنا في خطابه «هذا هو الأردن الذي إليه ننتمي، الأردن الذي بنيناه معا».
الأردن العظيم يستحق الأفضل دوما