اعتياد الحرب أسوأ من الحرب

{title}
أخبار الأردن -

ماهر أبو طير

لا يمكن أن نتورط في فكرة اعتياد الحرب، فهذه فكرة خطيرة، حيث باتت الحرب عملا يوميا، نحصي فيه فقط عدد الشهداء والجرحى والمفقودين، وكأنها تتشابه مع حرب أوكرانيا مثلا.


الاعتياد على الحرب أسوأ من الحرب، لأن تهديم الروح المعنوية للناس، والاكتفاء بخبر تلخيصي يشاهده الإنسان في دقيقة لفرط عدم تحمله، أمر يمنح إسرائيل المزيد من الوقت والمساحة لمواصلة هذه الجرائم، خاصة، أننا بتنا نعتاد على التجويع وهدم البيوت وقتل الأطفال، وتدمير المستشفيات والمدارس، وتشريد الناس، والتمهيد لمذابح أكبر في منطقة رفح.

هذا الاعتياد الخطير سيؤدي إلى نتائج سيئة، حيث أصبحنا نعد أيام الحرب فقط، ومن الشهر الأول إلى الثاني، وصولا إلى الخامس، والتوطئة للشهر السادس، مرورا بشهر رمضان الذي لإسرائيل أساسا إسبقيات في ممارسة الجرائم فيه، حتى  لايعتقد البعض أن إسرائيل سوف تتراجع بسبب رمضان وهي التي هدمت كل هذه المساجد في قطاع غزة والضفة الغربية، وتعتدي على المصلين في المسجد الأقصى في رمضان، منذ الاحتلال حتى أيامنا هذه.
أبرز ما نحتاجه هنا كثرة النشر والتغريد وإعادة التغريد والكتابة باللغة الإنجليزية وأي لغات ثانية، حتى لا نبقى نخاطب أنفسنا، وكان السوري يقنع اللبناني أو المصري بعدالة قضية فلسطين، أو كمن يحاول إقناع المغربي بشرح قضية فلسطين للجزائري أو السوداني، ونحن هنا نتحدث إلى أنفسنا على افتراض أن التفاعل بذات الدرجة، مع العلم أن التفاعل تراجع، وتحول خبر مذابح الإبادة في قطاع غزة إلى خبر يومي، وهذا يفرض إعادة تجديد النشر والمتابعة والتأثير على الرأي العام العربي والإسلامي، والتركيز على الرأي العام الدولي، لما يمثله من ضغط على حكومات تلك الدول التي تخضع نهاية المطاف لمؤثرات الرأي العام في بلادها.
ليس مطلوبا من المجتمعات العربية والإسلامية هنا أن تتوقف حياتها، لأجل قطاع غزة، لأننا نرى بأم أعيننا أن أغلب هذه المجتمعات متأثرة لكن تعبيرات تضامنها منخفضة، وعدا الأردن الذي يمثل نموذجا اجتماعيا مختلفا لاعتبارات كثيرة، فإن أغلب بقية المجتمعات تتفرج أوتتبرع أو تزم شفافهها تأثرا فقط، 
هذا على الرغم من أن كل قضية فلسطين تتجوهر وتتمحور حول المسجد الأقصى المطلوب من أمة الملياري عربي ومسلم، وليس من الفلسطينيين وحدهم.
المطلوب فقط أن تبقى قضية فلسطين حاضرة، وما يجري في قطاع غزة حاضرا بقوة، وأن نتجنب الاعتياد، لأن الاعتياد هنا قد يقترب من البلادة السياسية، وإعلان الضعف والعجز، والاستسلام، فيما من يقاومون إسرائيل لا يستسلمون برغم كل هذه الظروف المأساوية التي يعيشها قطاع غزة، وهي بالمناسبة ظروف مفتوحة على كل الاحتمالات خلال الفترة المقبلة، خاصة، مع التهديدات لرفح، ومؤشرات تمدد الحرب في الإقليم، ومهددات الأقصى في رمضان، وانتهاء مشروع الدولة الفلسطينية المقام على اتفاقية أوسلو التي تحولت إلى مجرد أنقاض باعتراف الرسميين الفلسطينيين الذين لا يريدون سلوك أي مسلك بديل حتى الآن.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير