ما هو متوقع من الإدارة الأمريكية
إبراهيم ابو حويله .
هل سيقوم الرئيس الأمريكي بهذه الخطوة أو تلك، هل سيعترف بضم الضفة وغور الأردن، هل سيفرض واقعا على الأمة النائمة، هل سيعاقب من لا يطيع أوامره، وهل وهل وهل.
نعيش حالات من التوقع على المستوى الشخصي والوطني والأممي، ترامب تاجر وهذا أمر معروف، وهو يفتقد تماما للحس والوازع السياسي، بل هو يسعى للقضاء على الدولة العميقة في امريكا نفسها، بمعنى اخر القضاء على المفاهيم الإستراتيجية والخطط طويلة الأمد، والمكاسب المرتبطة بالزمن، فهذه السياسة التي لا تحقق اهداف كما يريد وبالسرعة التي يريد، او حتى تلك التي تحقق اهداف على مدى طويل هو في غنى عنها، هو يراهن على المكاسب والخسائر وعلى ردود الفعل الاني، ورد الفعل العربي بحاجة إلى رد فعل في الحقيقة، وهو أدرك ذلك عندما نفل مقر سفارته الى القدس، وحتى بايدن المعتدل نسبيا لم يقم بارجاع السفارة او التراجع عن القرارات الاي اتخذها اترامب، نعود لرد الفعل العربي او الإسلامي، فهو عديم التأثير على الواقع العربي أو الغربي أو الأميريكي فضلا عن التأثير على الكيان وقادته من اليمين المتطرف، والذين يشعرون بقوة منقطعة النظير، فقد عزز ترامب وجود هذا اليمين المتطرف بيمين جديد متطرف في إدارته.
هل يجب ان نتوقع الأسوء، نعم للإسف، خاصة في ظل هذه الإدراة الأمريكية الجديدة، وفي ظل وجود يمين متطرف إسرائيلي في الحكم، الموقف العربي القائم على مصالح جزئية ونظرة دونية، وسعيها الحثيث للسلامة الشخصية على مستوى الأفراد وليس الدول، وهذا الموقف يجعل الدول نفسها تدفع ضريية هذا الموقف، وسياسة ابو عبدالله الصغير ما زالت نفس السياسة، لم تتغير، والسعي لسلامة الرأس دون الجسد، ذهب بالرأس والجسد، ونعود إلى المراهنة والتوقع الذي يحمل في طياته الكثير من السوداوية.
لكن مهلا ما يجعلني متفائلا ليس واقعنا العربي، ولكنه صمود المقاومة، نعم ما زالت المقاومة قادرة على الصمود والإستمرار، وهذا الصمود ينقل الكثير من السوداوية إلى الطرف الأخر، ما زال الكيان يعاني وهذه المعاناة المتطردة والمنتشرة على كافة مناطقه تقريبا، تجعل حجم المعاناة الداخلية في ارتفاع مستمر، نعم هي لا تقارن بحجم المعاناة التي تدفعها المقاومة وحاضنتها الشعبية سواء في غزة او في لبنان، ولكن هناك معاناة وهناك خسائر وهناك قتلى وهناك خوف وهناك تدمير وحرائق، ووصول إلى قلب العاصمة، حتى لو كان هذا الوصول بخسائر محدودة جدا، ولكنه وصول.
هل تتعادل الكفة بين الطرفين، طبعا لا، متى كان هناك تعادل بين المحتل والمقاومة، متى كانت خسائر الإحتلال تقترب من خسائر المقاومة، ولكن هذه الخسائر تساهم بشكل كبير في تغيير مواقف، ونقل ولاءات، وتعديل تصورات، ومن شك في ذلك فليعد إلى التصريحات التي تخرج في الكيان قبل غيره، ومن شك في ذلك أيضا فلينظر بعين العدل إلى ما حدث في محكمة العدل الدولية، وفي مواقف دول كانت مؤيدة بالمطلق، وفي تغيير حتى في مواقف الكثير من اليهود عبر العالم، بل أن هناك مشاركة فاعلة ليهود في مظاهرات ومواقف تندد بما يقوم به الكيان، وفي مباريات الكيان في دول تعتبر حاضنة وداعمة ومتبنية لمواقفه. هذا بالإضافة إلى الشعور بالحسرة والفقد والخوف عند كل من مسته نيران المقاومة، في داخل الكيان المحتل، او من اتصل بهم، ومن رأى معاناتهم، وهذا رقم برأيي كبير وكبير جدا.
ان عدم مواقفة قادة الكيان على ايقاف الحرب عائد إلى امرين برأيي، الأول هل هناك امكانية لتحقيق المزيد، والثاني ان ما يسعى إليه لم يتحقق بعد، وهنا انا اميل إلى الأمر الثاني، لأن حجم المعاناة داخل الكيان كبير وكبير جدا، سواء في عدد القتلى والجرحى والخسائر اليومية المادية اضافة إلى النزف المستمر في تكاليف الحرب، والخسائر الإقتصادية نتيجة لإنخراط جنود الإحتياط في الإبادة من جهة، ونتيجة لتوقف الكثير من مظاهر الحياة في مناطق عدّة من الكيان، واضف إلى ذلك الهجرة العكسية الكبيرة من الكيان إلى خارجه.
ومع ذلك هو قادر على الإستمرار، ويحاول جاهدا بكل السبل اخفاء خسائره الحقيقية في القتلى والجرحى، ولكن هذا امر سيظهر بشكل اجباري ولو لاحقا، ولكن هذا ما يسعى إليه اليوم، طبعا رفع الروح المعنوية الداخلية، وضرب الروح المعنوية عند المقاومة بأنها لا تحقق شيء يذكر، ولخلق واقع يجنبه تكرار ما حدث في السابع من اكتوبر، حتى لو كانت الضريبة مرتفعة لذلك.
ولكن المقاومة بدورها ايضا تسعى لنفس النقطة، وتحاول بكل السبل زيادة خسائر الإحتلال يوميا، وهي نجحت بذلك،ولا بد من ان تجنى ثمار هذا الصمود إذا ترافق ذلك مع حكمة وصبر في القيادة، طبعا هذه الحروب الظالمة ملعونة ولعنة على الظالمين بما تجر من ويلات ومآسى على المدنين، ولكن هذه الظروف فرضت على من وقع عليه الإحتلال ولا سبيل امامه سوى المقاومة .