تحولات ملحوظة في نتائج الشركات
سلامة الدرعاوي
سجلت نتائج الشركات الأردنية للثلاثة أرباع من عام 2024 تحولات ملحوظة في أداء القطاعات المختلفة، حيث قدمت 150 شركة من أصل 162 نتائجها المالية للبورصة الأردنية. وأظهرت النتائج تراجعًا في إجمالي الأرباح بعد الضريبة مقارنة لنفس الشركات التي زودت للثلاثة أرباع من عام 2023، إذ انخفضت إلى 1549.4 مليون دينار مقابل 1647.1 مليون دينار لعام 2023، بتراجع بلغ 5.9%.
وعند قراءة هذه النتائج من منظور طويل الأجل، نلاحظ أن التراجع في الأرباح ليس كارثيًا إذا ما أخذنا بالاعتبار تأثير العدوان على غزة والاضطرابات بالمنطقة وأثرها على التقلبات في سلاسل التوريد والارتفاع في تكاليف الشحن والنقل، مما أثر بشكل مباشر على الاستثمارات والسيولة المتاحة. ورغم ذلك، فإن الشركات الأردنية استطاعت الحفاظ على مستويات أرباح تعتبر من بين الأعلى في تاريخها، ويُتوقع أن تحافظ على أدائها المستقر نسبيًا بنهاية العام، مما يجعل هذا العام ثالث أعلى عام من حيث الأرباح التاريخية.
ونجد أن عدد الشركات التي ارتفعت أرباحها في الثلاثة أرباع من 2024 مقارنةً بالعام السابق قد بلغ 56 شركة، ما يعكس تطورًا إيجابيًا في بعض المجالات وسط التحديات، وهذا التطور يشير إلى أن الاقتصاد الأردني ما يزال يمتلك مقومات قوة على الرغم من العقبات، ويدل على أن بعض الشركات تمكنت من التأقلم مع الظروف الراهنة بشكل فعّال.
وبالنظر إلى تفاصيل الأرباح، نجد أن الشركات التي حققت أرباحًا قد تراجعت من 106 شركات في عام 2023 إلى 99 شركة في عام 2024، في حين ارتفع عدد الشركات الخاسرة من 44 إلى 51 شركة، مما يبرز تأثير الظروف الراهنة على الشركات.
كما بلغ عدد الشركات الخاسرة 51 شركة للثلاثة أرباع من عام 2024، وكان مقدار مجموع خسارتهم 21.2 مليون دينار، وبلغ عدد الشركات الخاسرة 44 شركة للثلاثة أرباع من عام 2023، وكان مقدار مجموع خسارتهم 15.9 مليون دينار، مما يبرز التحديات المستمرة التي يواجهها السوق.
وبتحليل القطاعات الأساسية، نجد أن القطاع المالي قد حقق أعلى نسبة أرباح بإجمالي 922.6 مليون دينار، يليه قطاع الصناعة بإجمالي 486.1 مليون دينار، وعلى الرغم من هذه النتائج الجيدة، إلا أن بعض القطاعات الأخرى مثل السياحة والتعدين قد شهدت تراجعًا، متأثرة بتراجع أعداد السياح واستمرار ارتفاع تكاليف الطاقة. ورغم هذه التحديات، إلا أن بعض القطاعات قد حققت نموًا ملحوظًا في الأرباح، حيث شهد قطاع الخدمات الصحية قفزة بنسبة 490.1 %، وقطاع الخدمات التعليمية بزيادة قدرها 79.7 %، وقطاع الصناعات الكهربائية بنسبة 73.5 %.
ويشير هذا الأداء إلى مرونة بعض القطاعات التي تلبي احتياجات أساسية مستدامة مثل الصحة والتعليم، والتي يمكن أن تكون أكثر استقرارًا أمام الاضطرابات الاقتصادية.
وفي المجمل، يمكن القول إن نتائج الشركات الأردنية للثلاثة أرباع من 2024 تعكس تحديات جسيمة، لكنها تشير أيضًا إلى قدرة الشركات على الصمود وتحقيق أرباح تاريخية في ظل ظروف صعبة. وهذا يعكس مرونة الاقتصاد الوطني وقدرته على التكيف مع التغيرات الإقليمية والعالمية، كما يبرز أهمية دور الحكومة والبنك المركزي في دعم السيولة والاستثمار للتغلب على تأثيرات الأزمات الخارجية، خاصة في ضوء العدوان على غزة وما نتج عنه من ضغوط على الاقتصاد المحلي.