لبنان.. أزمة صحية مرتقبة

 

الدكتور حازم القرالة

يدخل القطاع الصحي  في لبنان أزمة حقيقية جراء العدوان الغاشم على الأراضي اللبنانيه ويسابق الزمن في إستقبال عشرات الاصابات التي يتم إسعافها ضمن فترات زمنية قصيره الأمر الذي يضع هذه الكوادر أمام خيارات صعبه تضطرها إلى استخدام بروتوكولات طبيه قد تكون قاسيه في بعض الأحيان.

شهد القطاع الطبي اللبناني نكسات وأزمات عديده خلال السنوات الماضيه نتيجة الأزمه الماليه التي عصفت بالبلاد والتي كان لها انعكاسات كبيره على قطاع الصحه أجبرت صانعي السياسه الصحيه هناك إلى تخفيض النفقات على قطاع الصحه لتصل الي الحد الأدنى الممكن لاستدامة عمل المستشفيات والعيادات والمراكز الصحيه  والتي كان لها أثر بالغ وانعكاسات سلبيه على جودة الخدمه الصحيه المقدمه  والتراجع في المنظومه الصحيه وتحفيز هجرة الكوادر الطبيه  ولم يكتف لبنان الجريح بأزمته الماليه بل فاقم الظروف الصحيه انفجار مرفأ بيروت الذي قضى على آخر أمل في تصحيح المسار ويمكن تلخيص ما حدث من نكسات في القطاع الصحي في عدة نقاط

الأولى هجرة الأطباء والكوادر الطبيه، حيث هاجر من لبنان منذ بداية الأزمه الالاف من الاطباء والممرضين متأثرين بتداعياتها على الوضع المالي والمعيشي لهم  ومن كان مترددا في الهجرة جاء انفجار مرفأ بيروت ليعزز اتخاذ قرارهم بالهجره بحثا عن حلول لأزماتهم الماليه، ويقدر عدد الكوادر الطبيه المهاجره من لبنان منذ بداية الأزمه بأكثر من ٣٥٠٠ طبيب من أصل ١٧٠٠٠ مسجلين في نقابة أطباء لبنان وأكثر من ٣٠٠٠ ممرض، وهذا أثر بشكل بالغ على جودة الخدمه الطبيه المقدمه في المستشفيات اللبنانيه خصوصا إذا علمنا أن معظم الاطباء المهاجرين هم أصحاب تخصصات دقيقه وحرجه ومطلوبه بشكل واسع.

النقطه الثانيه هي أن تداعيات الأزمه الماليه عصفت القطاع الصحي  بشكل كبير فانخفاض الانفاق الحكومي وتراجع قدرة الفرد الاقتصاديه أدت الي تعثر مستشفيات ومراكز طبيه حكوميه وخاصه وصل ببعضها الي اقفال أقسام كامله وطوابق ووصل في بعضها الي الاغلاق التام  وهذا أضعف بشكل كبير قدرة القطاع الصحي اللبناني 

النقطه الثالثه وهي المخزون الاستراتيجي من معدات ومستلزمات طبيه وأدويه وغيرها تراجع بشكل كبير نتيجة ضعف القدره الاقتصاديه للحكومه اللبنانيه ومما لاشك فيه ان لبنان السياسي كان يقرأ الأحداث منذ عدة أشهر وما حدث اليوم ليس مفاجئا للجميع ولكن القدره الماليه جعلت خيارات الحكومه اللبنانيه محدوده حيث تحدثت بعض تقارير أن المخزون الاستراتيجي للقطاع الصحي يكفي لفترة أربعة أشهر ضمن ظروف الاستهلاك العاديه والتي تتضاعف وقت الكوارث والحروب

النقطه الرابعه والاخيره التي أدت إلى إرهاق قطاع الصحه وهي الانفجار السكاني في لبنان نتيجة الظروف غير الطبيعيه حيث يقدر عدد اللاجئين السوريين في لبنان بنحو مليون ونصف لاجئ شكلوا صغطا كبيرا على قطاع الصحه

حسب تصريح وزير الصحه اللبناني وصل عدد الشهداء في لبنان اليوم لنحو ٥٥٨ شهيدا أكثر من ٣٠٪   منهم من النساء والأطفال وأكثر من ١٨٣٥ مصابا  مما يدل على وحشية القصف الهمجي واستهداف المدنيين بشكل واضح وهذه أرقام كبيره تعتبر اذا ما نظرنا لها من نظرة علمية طبية بحته حيث أن هذه الاعداد المهوله من الاصابات تراجع المستشفيات وأقسام الطوارئ ضمن فترة زمنيه قصيره فلك ان تتخيل وصول ٥٠ أصابه مثلا لمستشفى يتواجد في طبيبين أو ثلاثه كحد اقصى اختصاصي جراحه وهناك ١٠ أو أكثر من المرضى بحاجة لتدخل جراحي طارئ وهذا يحدو الكوادر الطبيه إلى اتخاذ قرارات طبيه قد تكون قاسيه أحيانا ضمن بروتوكولات علميه وضعت للتعامل مع مثل هذه الظروف.

خلاصة القول ان القطاع الطبي اللبناني ليس في أفضل حالاته ويعاني بشكل كبير واليوم يتعرض لاختبارات صعبه قد يكون قادرا حتى الآن على التعامل معها لكني أعتقد أنه على الجميع وضع خطط مستعجله لمساندة ومساعدة الأشقاء في لبنان وعلى مستوى دولي وان لا ننتظر لحظة إنهيار الكوادر والمستشفيات.

 

*رئيس اللجنة الإعلامية وعضو مجلس نقابة الأطباء