مركز الإيداع.. يستحق التقدير
سلامة الدرعاوي
تلعب المؤسسات المالية دورا حاسما في تعزيز كفاءة الأسواق المالية وضمان استقرارها، فهذه المؤسسات تُعد العمود الفقري للاقتصاد، حيث توفر البنية التحتية اللازمة لتنفيذ المعاملات المالية بسلاسة وشفافية. وبين هذه المؤسسات، تحتل مراكز إيداع الأوراق المالية موقعا متميزا، فهي ليست مجرد أماكن لتسجيل الأوراق المالية؛ بل هي جهات مركزية تضمن سلامة التداول وتوفير البيانات الدقيقة في الوقت المناسب، ما يسهم في تقليل المخاطر وزيادة ثقة المستثمرين. في الأردن، يمثل مركز إيداع الأوراق المالية حجر الزاوية في نظام السوق المالي، حيث تم تأسيس المركز وفقا لقانون الأوراق المالية لعام 1997، وبدأ عملياته في عام 1999، فهذا الكيان يتولى مهام تسجيل الأوراق المالية وإصداراتها، ويشرف على سجلات 236 شركة مساهمة عامة. إلى جانب ذلك، يقوم المركز بترميز وترقيم إصدارات الأوراق المالية، حيث يدير 469 ورقة مالية تتوزع بين 223 سهما و52 سندا قرضا للشركات و194 سندا خزينة، بقيمة سوقية تصل إلى 40.3 مليار دينار. ولا تقتصر مهام المركز على التسجيل فقط، بل تمتد إلى دعم عمليات التداول المنفذة في السوق من خلال نظام التقاص والتسوية، حيث يتم احتساب صافي حقوق والتزامات الوسطاء يوميا وتنفيذ عمليات الدفع والتحويل بشكل إلكتروني باستخدام نظام التسليم مقابل الدفع (DvP). كما يتم تنفيذ التحويلات المالية عبر البنك المركزي الأردني باستخدام شبكة SWIFT RTGS، لضمان الدقة والأمان في المعاملات. ومن خلال قاعدة بيانات تضم 670 ألف مستثمر يملكون 684 ألف حساب لدى شركات الخدمات المالية، يضطلع مركز الإيداع بدور محوري في تسهيل عمليات التداول وتعزيز ثقة المستثمرين، فهذه الثقة تعززت بفضل سجل المركز النظيف في تنفيذ التسويات المالية دون فشل، ما يجعله جهة موثوقة في السوق. إن أهمية مراكز الإيداع تتجاوز مجرد التوثيق والحفظ؛ فهي مؤسسات رئيسية في إدارة مخاطر السوق من خلال صندوق ضمان التسوية، الذي يعتمد على ضمانات مقدمة من أعضاء السوق، فهذا الصندوق يدير المخاطر بكفاءة، مما يعزز من استقرار السوق، ويزيد جاذبيته للمستثمرين المحليين والأجانب. وفي ظل التحديات الاقتصادية، أثبت المركز قدرته على التكيف والاستمرار في تقديم خدمات عالية الجودة، ورغم التحديات المالية والتقنية والبشرية، يواصل المركز الاستثمار في تطوير بنيته التحتية الإلكترونية، حيث أنشأ ثلاثة مواقع بيانات لضمان استمرارية العمل في جميع الظروف. كما أن جهود المركز في تحسين خدماته لا تتوقف، فقد أطلق عدة مشاريع لتسهيل تداول الأوراق المالية، مثل تطوير قاعة لخدمة المستثمرين وإطلاق مشروع خدمة الرسائل النصية (SMS) لإبلاغ المستثمرين عن كل حركة تتم على حساباتهم. هذه الخدمات تسهم في تعزيز شفافية وكفاءة السوق، وتضمن تنفيذ المعاملات بأمان وسرعة. لا يمكن لأي سوق مالي أن يعمل بكفاءة دون وجود مركز إيداع قوي وموثوق، فمركز إيداع الأوراق المالية في الأردن هو مثال على الكيفية التي يمكن بها لمؤسسة واحدة أن تؤثر بشكل إيجابي على بيئة الاستثمار بأكملها، من خلال تقديم خدمات موثوقة وشفافة تسهم في جذب الاستثمارات ودعم النمو الاقتصادي.