الرواشدة يكتب:" بروفة" الجولاني إن نجحت، الإسلام السياسي قادم

 

‏حسين الرواشدة

‏كيف قدم أحمد الشرع (الجولاني سابقاً) أوراق اعتماده للعالم ، من أجل بناء سوريا جديدة؟ الإجابة بكلمتين : "التكيف والاستجابة" .

ربما يكون ما فعله الرجل عنواناً للمرحلة القادمة في المنطقة كلها ، بجرة قلم تم إسقاط تهمة الإرهاب وإلغاء الجائزة ، التنظيمات المسلحة التي تشكلت لإقامة الدولة الإسلامية تحولت إلى نواة لدولة مدنية ، الإسلام السياسي ، بكل نسخة التركية والعربية والآسيوية، دخل فورا على الخط ، ومن المتوقع أن تبدأ سلسلة من اللقاءات بين دوائر غربية رسمية وأعضاء من الحركة الإسلامية ، حماس ، ربما ، تجلس في الفترة القادمة على طاولة التفاوض مع إسرائيل، فهي الطرف الوحيد الذي يمتلك شرعية المقاومة ، ويصلح أن يكون ، بعد تهشيم قوتة وتهشيم السلطة الفلسطينية أيضا ، الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني.

‏ما حدث في 7 أكتوبر ، العام الماضي ، لم يكن صدفة ، أبداً، المشروع كان جاهزاً لدى الدوائر في تل أبيب ولدى حلفائها، بانتظار صفارة الانطلاق ، المطلوب تغيير خارطة المنطقة واللاعبين فيها ، ثم إعادة ترسيم حدود النفوذ للقوى الكبرى ، وتوزيع الأدوار على القوة الأخرى ، لقد بدأ فعلا ومن المتوقع أن يستمر لسنوات قادمة ، إيران تم طردها من المنطقة ، وربما يتم لاحقا دفعها إلى الانكفاء على نفسها ، تركيا تتقدم لملء الفراغ ، بدأت في سوريا وستتوسع لاحقا، التنظيمات الإسلامية المسلحة (الشيعية والسنية ) تقلصت ، وربما يسمح لبعضها بالكمون أو البيات الشتوي للاستخدام مستقبلا إذا لزمت الحاجة، الإسلام السياسي ، إذا نجحت بروفته في سوريا ، سيخضع للتأهيل ، وإذا أثبت التكيف والاستجابة ،وفي تقديري، أنه سيثبت ذلك ، فانه سيكون المرشح القادم ، أو البديل المطروح على الأقل.

‏ما ذكرته ،سلفا ، ليس أسراراً مكتومة ، بعد زلزال الشام جرت نقاشات داخل العديد من العواصم في منطقتنا، انصبّت حول ملف "الإسلام السياسي " القادم على مركب صفقة تاريخية تستهدف ، أو تحاول على الأقل، تغيير وجه الشرق الأوسط ، وتنصيب العدو اللدود لإسرائيل، اقصد الإسلام السياسي، لاعب احتياط أو طرفا قويا ، اختيار تركيا كمظلة للمشروع ، ثم الإسراع بعملية التطبيع مع اسرائيل، وتقرير حق الفلسطينيين في كيان يعيشون فيه ، هو الضمانة لتتويج اسرائيل شرطيا للمنطقة ، ووكيلاً لأمريكا والغرب فيها، هذه الهواجس استدعت في الأيام الماضية وضع قوى الإسلام السياسي تحت " الرادار" ، نشوة النصر كانت واضحة ، لكن ( طبخة) مواجهة هذا الاستحقاق ما زالت على النار .

‏لا اشكك بنوايا أي طرف ، لا لإسلام السياسي ولا غيره ، لكن لكي نفهم ما يجري وما سوف يجري لاحقا في منطقتنا ، يكفي أن ندقق فيما حدث مع تنظيمات " التوحش " التي تحولت للحديث بمنطق الدولة ، واكتسبت في أسابيع القبول الدولي ، ان نفكر، أيضا، فيما إذا كان الإسلام السياسي يقبل أن يكون شريكا داخل الدولة ( اي دولة) ام انه يسعى ليكون بديلا عنها ، هنا يهمني أن أشير إلى مسألتين، الأولى: قاعدة الاستثناء سقطت ، لا احد محصن في هذه المنطقة، الثانية: معادلة ربط المصير لأي دولة بأي قضية أو دولة أخرى خطأ استراتيجي ، لا يجوز الوقوع فيه أبدا.

‏نحن أمام تحولات لم نعهدها في تاريخنا الحديث ، من قال أن حزب الله سيسقط في أيام، وأن إسرائيل ستحارب 15 شهرا دون انقطاع حتى الآن ، من قال أن سوريا ،النظام والجيش ، سيتبخران بين ليلة وضحاها ، صحيح ربما تفاجأنا ، لكن حان الوقت لكي نفهم ما حدث ، وندقق أكثر وأكثر بما قد يتراكم من مقارنات لدى أجيالنا ، هذه المقارنات التي تستفز الوعي وتستدعي ركوب الموجة والانجراف مع التيار ، تحتاج إلى مقاربات استباقية يعرفها، فقط، "العقلاء "، ولا بد من أن تكون حاضرة بقوة في سياق الاستعداد لمواجهة القادم في منطقتنا ، وهو ، بتقديري ، أخطر مما يتصور بعض الذين ما زالوا يعيشون في الماضي وعلى ذكريات التاريخ، وفهمكم كفاية.