الوطنية.. بين موالاة ومعارضة

محمد الزيود

يعاني الأردن على مدار العقود الماضية من نوعين من الناس الذين ينخرطون بالعمل العام والحياة السياسية.

فالنوع الأول يصفون أنفسهم "بالموالاة" وبأنهم وطنيون لأنهم فقط لأنهم يعملون في الأجهزة الرسمية أو لأنهم يوافقون على كل ما يصدر من الجهات الرسمية ولا يعلقون عليه بالعلن حتى وإن كانت هذه القرارات أو التوجهات غير صحيحة أو توقيتها غير مناسب.

وهؤلاء الأشخاص قد يهاجمون هذه القرارات بالسر وقد يكونون ممن يعملون بالعمل الرسمي أو المنافقين حولهم وهؤلاء يمارسون ابشع الممارسات في عملهم خدمة لمصالحهم وليس لمصلحة الوطن أو المواطن ويسمحون لأنفسهم بإطلاق الأحكام على غيرهم ممن يخالفوهم الرأي ويصفونهم بعدم الوطنية، وذلك تزلفا لمسؤول أو لحكومات وليس حرصا منهم على الوطن.

أما النوع الثاني يطلقون على أنفسهم "معارضة" يزاودون على كل شخص لا يوفقهم الرأي ولا يعترفون بتحقيق إنجاز أو بوجود مخلصين في هذا البلد الطيب من مسؤولين وموظفين رسميين ويطعنون بوطنيتهم، معتبرين أنفسهم والتيارات التي يمثلوها هم النهج الصحيح، والمصيبة أن هؤلاء لو تسلموا زمام المسؤولية لا يتقبلون الرأي الأخر وسينفعون من على نهجهم وقاعدتهم في المعارضة "إن لم تكن معي فأنت ضدي".

وهذه النوعية من المعارضة القاتلة تفرح عند أي حدث يضر بالوطن أو فشل قد يحدث هنا أو هناك وتشمت بدم بارد بوطنها الذي يحويها نكاية بالمسؤولين الرسميين.

وبين النوعين السابقين تضرر الوطن ومؤسساته وتراجعت ثقة المواطنين بكل شيء، فبناء الوطن لا يريد "مولاة" مزيفة تحمل شعارات كاذبة ووطنيات مزيفة وتستثمر وجود بعضها في المواقع العامة لتجييرها لمصالحهم.

كما أن الوطن لا يبنيه معارضة خبيثة تسقطب الناس بالخطابات الرنانة وتدغدغ عواطفهم وهي بالحقيقة  تنهش بجسد الوطن ولا تعارض لأجل بناء أفضل بل لأجل مصالح ضيقة وأجندات سياسية معقدة.

فالوطنية تتطلب منك أن تكون مخلصا في السر والعلن لوطنك سواء كنت "مولاة" أو "معارضة" فإذا كنت "مولاة" سواء كنت عاملا في المؤسسات الرسمية أم لا اخدم وطنك ومواطنيه بكل ما عندك من فكر وفعل طيب وانتقد وشارك لتحسين مخرجات العمل، وإذا كنت "معارضة وطنية" كن وطنيا في سرك وعلنك وانتقد وشارك وأشر على الاختلالات وحاول تقديم الحلول دون تجريح وطعن بلا أدلة.

الخلاصة.. الوطنية تطلق على كل من "الموالاة" و"المعارضة" لكن الفيصل عند الحكم على الأشخاص ووضعهم في خانة الوطنيين المخلصين سواء كانوا معارضة أو مولاة هي ممارساتهم وأفعالهم فهل هي ممارسات وأفعال تخدم الوطن والمواطنين أم هي معول هدم في خاصرة الوطن.