الأردن والقضية الفلسطينية.. موقف ثابت

 

د. يزن دخل الله حدادين
منذ اليوم الأوّل لأحداث السابع من أكتوبر 2023 وما تلاها من عدوان على غزة كان الموقف الأردني السياسي واضحاً تجاه الاحتلال الإسرائيلي، من حيث مطالبته بوقف العدوان على غزة، ورفض الأهداف الإسرائيلية التي تريد تحقيقها بتفريغ قطاع غزة من سكانه.

يؤمن الأردن بأهمية الوصول لحل الدولتين حيث أن قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية يحقق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، والمعترف بها من العديد من دول العالم. كما يرفض الأردن بشكل مطلق جميع مشروعات التوطين، ويؤكد ضرورة حل المشكلات الأساسية المرتبطة بجوهر القضية الفلسطينية مثل الحدود، والقدس، وقضية اللاجئين، وهي قضايا الحل النهائي للنزاع. وبالتالي استمر الأردن في دعم القضية الفلسطينية وشن الحملات الدولية للمطالبة بوقف أي عدوان وأي توسع في الاستيطان بالإضافة إلى سع?ه لحل القضية من خلال خيار حل الدولتين على أساس حدود الرابع من حزيران 1967 مع الاتفاق على تبادل الأراضي المتكافئة وترتيبات أمنية تصون سيادة الدولة الفلسطينية المستقبلية وحلاً عادلاً ومنصفاً لمشكلة اللاجئين.

إن المملكة الأردنية الهاشمية هي دولة عميقة ضاربة جذورها عبر التاريخ، قوية الأركان، قادرة على استيعاب الصدمات السياسية والدفاع عن الأرض والمواطن الأردني. ومن هذا المنطلق يعمل الأردن بشكل متواصل على دعم الموقف الفلسطيني العادل. كما أن الهوية الوطنية الأردنية متجذّرة في عمق الضمير الوطني، وقد جُرّبت في أحداثٍ تاريخيةٍ متعددة، وأثبتت موجوديتها وقدرتها على البقاء والدوام، والاستمرار بحشد الدعم الدولي السياسي لرفع الحرب والعدوان على فلسطين.

على الرغم من المحاولات العديدة لتشويه جهود الأردن، ظل الأردن حازماً، مدفوعا برؤية واضحة بشأن دعم الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة. كما أن مساهمات الأردن في دعم الفلسطينيين واضحة ومعترف بها من الجميع، ولا يمكن تجاهلها إلا من قِبَل من يفتقر إلى التقدير. ومن الصعب إنكار أنه لم تقدم أي دولة أخرى في العالم هذا القدر من الدعم لفلسطين والفلسطينيين مثل الأردن. بالإضافة إلى أن تحرّكات جلالة الملك الدولية واتصالاته مع زعماء العرب والعالم منحت للأردن مكانة عالمية ومصداقية عالية عند الحديث عن الظلم الذي يتعرض له الشع? الفلسطيني.

قام جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين بحشد الدعم الدولي السياسي لرفع الحرب والعدوان ضد المدنيين العُزَّل في غزة والضفة الغربية الأمر الذي ساهم في تغيير لغة الخطاب الدولي تجاه القضية الفلسطينية مما نتج عنه تغيير لمواقف دول عديدة لصالح المدنيين العُزّل في غزة وفي الضفة الغربية بشكل مُجمل. وأعادت جهود جلالة الملك القضية الفلسطينية إلى واجهة الحدث العالمي من خلال خطابه الأخير في الجلسة العامة للدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك والذي وضع به العالم أمام مسؤولياته الإنسانية والقان?نية تجاه معاناة الفلسطينيين.

سعى الأردن وجهد على الصعيد الدولي بايضاح أن العدوان على غزة أدى إلى استشهاد أكثر من 40 ألفاً، وإصابة نحو 94 ألفاً، ونزوح 90% من سكان القطاع، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة. وأصر أن تكرار العنف وسحبه على الضفة الغربية يدق ناقوس الخطر وخصوصاً ملف النازحين وتهجير الفلسطينيين. كما أصرّ الأردن أمام جميع المحافل الدولية أن الاحداث في فلسطين تفجر من جديد ملف النازحين بقوة ولكن هذه المرة في الضفة الغربية مشتركة مع غزة، وبطبيعة الحال يضاف هذا الملف إلى الملفات الشائكة والمتعثرة الأخرى في الضفة الغربية ومنها ملف ال?ودة. وما جرى في غزة يُنذر بأزمة تحمل بين طياتها مخاطر كبيرة على الضفة الغربية، وقد تتشابه مع ما حصل في غزة. كما أن الإبادة الجماعية بغزة وبدء العدوان على عدة مدن ومناطق في الضفة الغربية لن تنتهي ولن تتوقف دون ضغوط خارجية وهذا ما يمارسه الأردن. وطالب الأردن مراراً وتكراراً بفرض عقوبات على إسرائيل لاجبارها على وقف العدوان على غزة وعدم اقحام الضفة الغربية في عملية الابادة الجماعية القائمة إلى اليوم.

ختاماً الموقف الرسمي والحقيقي للأردن تجاه القضية الفلسطينية هو أمر طبيعي ومعروف للفلسطينيين قبل الغير وذلك للعديد من الأسباب ومنها الروابط العربية المشتركة والعلاقات الديموغرافية والثقافية والدينية والإرث الهاشمي بحماية الأراضي الفلسطينية. وينطلق الموقف الأردني الثابت من أن القدس الشرقية أرض محتلة، والسيادةُ فيها للفلسطينيين، والوصايةُ على مقدساتها الإسلامية والمسيحية هاشمية، يتولّاها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه.