الاخبار العاجلة
المسؤولية الغائبة عن عمان

المسؤولية الغائبة عن عمان

ماهر أبو طير

تتراجع جودة الحياة في عمان، ونتحدث عن عمان كونها العاصمة، لكن لا أحد يسمع، ولا أحد لديه الوقت لهذا الترف، أي مستوى الحياة في العاصمة، وجودتها، ومشاكلها.

لا يوجد دولة في العالم، لديها كفاءات، كما الأردن، وهي كفاءات تسللت الى خارج الاردن بحثا عن وظيفة، أو رزق، لا تقوم كل فترة بمراجعة مستويات الحياة وجودتها في الدولة ذاتها، وفي العاصمة بشكل حصري، وربما لدينا ثلة من المسؤولين لديهم اهتمامات ثانية، تتلخص بالمستقبل، على اعتبار أن المستقبل، بعيد، ويمكن جدولة الأوهام والأحلام والطموحات. نعم هم في موقع المسؤولية لكنهم بالتأكيد ليسوا من أهل الكفاءات وإلا لم يحدث كل هذا.

لو أجرت أي جهة حيادية استفتاء حول الحياة في عمان، لاشتكى الكل من مشاكل معقدة، من أزمات السير، حفلات الضجيج اليومية التي تبدأ بمشتري الخردة وتمر بباعة الغاز وتصل إلى نابشي الحاويات، وغير ذلك، ومع هذا فوضى وُرش البناء في بلد يقوم فيه كل متعهد بمواصلة الحفر والبناء في أيام العطل، وأحيانا يواصل عمله ليلا، فلا قانون ولا ما يحزنون.

مدينة شوارعها محفرة، خدمات النظافة فيها تتراجع، وأي جولة في أي حي ستكشف عن تراجع هذه الخدمات، بشكل كبير، وفي حالات يكون الناس هم سبب المشكلة، مثلما يمارسون ذات الكوارث حين يسكبون أمتار المياه أسبوعيا أمام بيوتهم بعد غسل مداخل البيوت، فيتحول الحي، إلى مستنقع، ولم لا… فلا أحد يراقب ولا أحد يسأل في هذه المدينة.

المشكلة أن المسؤولين يحاولون تكذيب هذا الكلام، ويخرجون لك بأرقام إحصائية حول عدد شراء قطع الأراضي الجديدة، والشقق في عمان كدليل على النمو والازدهار، ويتناسى هؤلاء أن من يشتري، يقوم بذلك لأن هذه هي مدينته، وليس لأنها مثالية، حيث يعيش أهله وأقاربه، وأن لا خيارات ثانية لديه أساسا.

مدينة عمان تم اختطافها، إذ تكفينا شبكات التسول قرب إشارات المرور، وبائعات العلكة المتخفيات في مساءات عمان، بل وعند مداخل المصارف، وتصل هذه الشبكات إلى البيوت، فأين الدولة عن هذا المشهد، أيضا، الذي يؤذي البلد، ويحوله إلى بلد آخر، ليس البلد الذي كنا نعرفه تاريخيا، مع تفهمنا أن زيادة عدد السكان ستجلب مشاكل عديدة، من كل صوب وحدب إلى هذه الديار التي كانت وادعة.

هل يعقل أن الأردن في العام 2023 يشكو أهله من تسلط الكلاب الضالة في عمان وغيرها، وهل يعقل أن البلد الذي كان مدرسة في الإدارة الحكومية، يخسر مزايا عاصمته وهو يتفرج؟

هذا فوق الغلاء ومصاعب الحياة، وتراجع جودة البناء، وضيق بعض الأحياء، وغير ذلك من قصص يعرفها أهل عمان، وبقية المدن، لكننا نخص حديثنا هذه المرة حول العاصمة.

عمان بحاجة إلى ورشة عمل سياسية، لا يجلس فيها العباقرة لتبرير كل التراجعات، بل للاعتراف بالمشاكل ووضع حلول لها، نعم نحن بحاجة لورشة عمل سياسية على أعلى مستوى للسؤال حول تنافسية المدينة، ومستوى الحياة، وجودتها، والخدمات، وإلى أين نذهب في هذه العاصمة، مقارنة بعواصم ثانية، بعد أن كانت مضربا للمثل، فتم تركها للتزايد السكاني، وللفوضى، والتراجعات، وعقيدة التبرير التي أهلكتنا جميعا، خصوصا، أن الإهمال في التفاصيل يحول هذه التفاصيل إلى أزمات كبرى، بعد مرور وقت كاف.

عمان مدينة جميلة لكنها باتت هرمة، ويتحمل المسؤولية كل من يتفرج عليها لتترهل، وتكبر، وتنهشها ظواهر جديدة، فيما صوت المسؤولين في الظلال، خافت، وعاجز جدا.

 


تنويه.. يسمح الاقتباس وإعادة النشر بشرط ذكر المصدر (صحيفة أخبار الأردن الإلكترونية).