أبو طير يكتب: لا تهاجروا لهذه الأسباب

{title}
أخبار الأردن -

 

ماهر أبو طير


صناعة موجات العداء للمهاجرين من الدول العربية والإسلامية تشتد في كل مكان من الولايات المتحدة إلى أوروبا وصولا إلى أستراليا.
الكراهية لها دوافع مختلفة، اما الفروقات الاجتماعية والدينية والثقافية، أو بسبب عدم الاندماج، أو بسبب المنافسة على الفرص الاقتصادية، أو بسبب العامل السياسي الأمني المرتبط بتعريف المسلمين على الأغلب باعتبارهم إرهابيين محتملين من بعد تفجيرات نيويورك حتى يومنا هذا وهي ظاهرة امتدت إلى كل مكان.
 

موجات العداء للمهاجرين الشرعيين وغير الشرعيين في الولايات المتحدة تشتد في عهد الرئيس الحالي، مع ما نراه من ترحيل وإعادة فتح ملفات الحاصلين على إقامات، وربما وصولا إلى الحاصلين على الجنسية، وما يرتبط بالتجنس عن طريق الأطفال المولودين في الولايات المتحدة في ظل تراجع اقتصادي مرعب في الولايات المتحدة يراد تنفيسه عبر الهجوم على المهاجرين كونهم السبب، في مشهد يقول إن اليمين يحكم الولايات المتحدة، وليس أدل على ذلك من التعبيرات العنصرية التي تنزلق على لسان الرئيس الأميركي.
هذا اليمين تشتد قوته أيضا في أوروبا، وقد شهدنا مظاهرات بريطانيا الموجهة ضد المهاجرين، في التباس يريد أن يقول إن سبب التراجعات الاقتصادية مرتبط بالمهاجرين، ولا أحد يحدثك عن السياسات الاقتصادية، ولا عن كلفة التورط في حروب تحتاج إلى مليارات الدولارات ولا غير ذلك، فإن المهاجرين هم العنوان الحاضر الآن، ويتم توظيف هذا العنوان في كل مكان من جانب لوبيات على صلة بإسرائيل لتحطيم المهاجرين على خلفية الاصطفاف مع غزة، بحيث تنقلب الموجة ويصير الاستهداف عكسيا ضد المهاجرين.
لم تنقصنا إلا حادثة أستراليا ضد اليهود الذي يحتفلون بعيد يهودي، وعلى الفور خرج المسؤولون الإسرائيليون ليتحدثوا عن دور إيران في الحادثة، ولن يكون صعبا عليهم اتهام أي دولة عربية أو إسلامية أو منظمة أو حزب إسلامي، فالأهم هو تجييش الشعوب ضد الجاليات المسلمة، وإضعاف قدرتها على الاعتراض على إسرائيل، وأيضا عكس البوصلة، بحيث يصير الإسرائيلي هو الضحية الذي بحاجة إلى تفهم وتعاطف بما يغطي على كل هذه الجرائم.
ولن يكون غريبا امتداد هذا المشهد إلى كل التجمعات الإسلامية في العالم، من فرنسا، إلى كندا، فالتجييش ضد المهاجرين والتخويف من الإسلام والمسلمين، وتبشيع صورتهم باعتبارهم ألغاما قابلة للانفجار في كل لحظة، أمر متواصل، ويتداخل في المشهد العامل الاقتصادي، وعبث الأجهزة الأمنية، والاختراقات لتكون النتيجة تحويل المهاجرين وأغلبهم من المسلمين إلى وباء يتوجب التخلص منه في كل مكان في العالم، وسيمتد الأمر إلى الكتل الإسلامية المهاجرة إلى بعض دول إفريقيا، وإسبانيا المناصرة للفلسطينيين.
برغم أن الحوادث فردية، إلا أن التعميم هو الذي يسيطر على الإعلاميين والسياسيين، بما يجعلنا نعيد الأسئلة حول جدوى الهجرة أصلا، من العالم العربي بكل أزماته وخرابه، إلى دول جديدة، تعيد كل سنتين إنتاج قوانين الهجرة، وتشن مؤسساتها حملات ضد المهاجرين، ويكفي ما نراه داخل دول أوروبية من استهداف وضغط وإغراء أيضا للمهاجرين السوريين للعودة إلى بلادهم، فلا أحد يريدهم ولا أحد يقبلهم، مهما تغيروا وصاروا مطابقين للمواصفات.
ما يراد قوله هنا إن حادثة أستراليا أيا كان الفاعل والمحرك فيها، فهي سوف ترتد على الجاليات المسلمة في أستراليا التي وقفت موقفا يخطف الأنفاس لصالح غزة، بما يعني أن أستراليا البعيدة أعيد ربطها بكل أجندة الشرق الأوسط، بما يعنيه ذلك من تأثير على المهاجرين والمهاجرات الهاربين والهاربات من نعيم العرب.
سنشهد موجة صعبة من ترحيل المهجرين أصلا، وتغييرا في التعليمات والقوانين وأنظمة الإقامة والجنسية في دول كثيرة، وقد بث الفاعلون المخفيون إفكهم للانتقام من الجاليات المسلمة في كل مكان.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية