العتوم يكتب: هل تصبح عملية سيدني الشرارة التي تدفع إسرائيل لاغتيال خامنئي؟

{title}
أخبار الأردن -

د.نبيل العتوم

تُعالج إسرائيل حادثة سيدني بوصفها مؤشرًا استخباريًا ينبغي تعظيم استثماره أكثر من كونها حدثًا جنائيًا محليًا ؛ فالتحقيقات الأولية لم تثبت تورط إيران أو حزب الله بشكل قاطع لغاية الأن ، لكن مجرد وضع اسميهما في دائرة الشك يمنح تل أبيب مسوغًا لتعزيز جاهزية الرد والردع ، مع ضرورة الملاحظة أنه وفي أعقاب المواجهة العسكرية في يونيو من هذا العام التي استمرت اثني عشر يومًا بين إسرائيل وإيران، تغيرت قواعد الاشتباك التقليدية، وأصبح من الممكن أن يُستثمر أي حادث أمني خارجي لتبرير عملية نوعية غير مسبوقة، قد تصل حتى إلى مستوى استهداف القيادة العليا في طهران، بما فيها المرشد الإيراني علي خامنئي ، الذي لوحت إسرائيل باغتياله سابقًا كخيار استراتيجي.

إسرائيل تبني ردودها على مبدأ "الرد المؤلم والمدروس"، وليس على الاندفاع الفوري. أي عملية ضد إيران أو حزب الله تُخطط بعناية لتوجيه ضربة حقيقية على القدرات العسكرية أو السياسية للخصم، مع الحفاظ على هامش إنكار استراتيجي يحد من خطر تصعيد شامل. حادثة سيدني، في هذا السياق، لا تُعد سببًا مباشرًا للرد، لكنها قد تُقرأ داخليًا كـ"شرارة" تبرر اتخاذ خطوات نوعية كانت مترددة سابقًا بسبب الكلفة الاستراتيجية العالية.

بالنسبة لإيران، أي رد إسرائيلي مباشر أو نوعي سيبقى غالبًا ضمن نطاق العمليات غير المعلنة: هجمات سيبرانية، عمليات تخريبية دقيقة، أو استهداف شخصيات أو منشآت حساسة بطريقة يصعب ربطها رسميًا بإسرائيل. إسرائيل ترى أن ضرب الاقتصاد الإيراني أو البنية العسكرية الحيوية قد يكون أكثر فعالية من أي استعراض عسكري تقليدي. وفي المقابل، طهران تعرف أن أي خطوة إسرائيلية من هذا النوع ستنقل الصراع إلى مستوى وجودي، لكنها قد تضطر إلى التكيف عبر الاحتواء أو الرد الجزئي، مع تجنب خطوات قد تُستخدم ذريعة لتصعيد أوسع.

الخطورة تكمن في إدارة الأخطاء في الحسابات. فالتداخل بين العمليات السرية، والضغوط السياسية، والتقديرات الاستخبارية غير المكتملة، قد يحول أي حادث مثل سيدني من ملف تحقيق إلى شرارة مواجهة أوسع، خاصة بعد حرب الـ12 يومًا التي أعادت رسم قواعد اللعبة بين الطرفين.

في المحصلة، تبقى سيدني حتى الآن مجرد مؤشر، لكنها وضعت إيران وحزب الله ضمن فضاء رمادي استخباري، حيث الرد الإسرائيلي المحتمل أصبح أكثر جرأة وأقرب للتنفيذ، وربما يشمل خيارات استثنائية لم تُستخدم سابقًا. هذه العملية قد تتحول إلى اختبار حقيقي لقدرة إسرائيل على تحويل حادث خارجي إلى عملية استراتيجية غير مسبوقة، بما في ذلك احتمال استهداف المرشد خامنئي ، إذا رأت تل أبيب أن الردع التقليدي لم يعد كافيًا.عرض أقل

 


 

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية