التل يكتب: المواسم الأردنية

منذ سنوات ابتكر الاردنيون مواسم جديدة خاصة بهم، غير مواسم المطر والحصاد التي صارت شحيحة في بلدنا، بعكس المواسم التي ابتكرها الاردنيون والتي تتصف بالغزارة والتنوع.
ومن اهم المواسم التي ابتكرها الاردنيون وتتصف بالغزارة والتنوع، تلك المتعلقة بإشاعات التعديل الوزاري، تليها تلك المتعلقة بحل البرلمان ثم المتعلقة بإحالات على التقاعد بين كبار المسؤولين وقادة الاجهزة، وكثيرا ما ترتبط هذه المواسم بالمناسبات الدينية، ففي شهر رمضان تنشط اشاعات التعديل الوزاري، الذي سيجري بعد العيد. مثلما تنشط هذه الاشاعات قبل عيد الاضحى المبارك، على اساس ان التعديل سيتم بعد العيد والحج، مثلما ينشط موسم الإشاعات مع اقتراب نهاية كل دورة برلمانية. بل يبالغ بعض مروجي الإشاعات الى درجة تحديد اسماء ا?وزراء المغادرين واسماء الوزراء الداخلين، على اعتبار ان المغادرين فشلوا بالقيام بالمهام الموكلة اليهم، دون ان ندري ما هي معايير تقيم اداء الوزراء في بلدنا. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ما هي علاقة المواقيت الدينية بتوقيت التعديل او الحل او الإحالة، مع ان الدين يحرّم الاشاعة التي هي لون فاقع من الوان الكذب والنميمة؟!
أغرب ما في أمر مواسم الاشاعات ان ينجر اليها كتاب يفترض ان لديهم درجة من الوعي والقدرة على التمحيص، لكن يبدو ان الرغبة لدى بعضهم بالظهور بمظهر العارف المطلع القريب من مصادر صنع القرار تنتصر على ذلك كله. مع انه من المعروف ان قرار التعديل او الحل بيد جلالة الملك، ولا يعلم به احد الا قبل وقت قصير من اعلانه، وعادة ما ينحصر هذا القرار قبل الاعلان عنه بدائرة ضيقة من أصحاب العلاقة.
ومثل بعض الكتاب الذين ينزلقون منزلق ترويج الإشاعات، كذلك يفعل بعض امناء الأحزاب السياسية واعضائها، وكأن الاشاعة تشكل بديلا عند البعض عن الفكر والبرامج السياسية، او ان الاشاعة صارت بديلا عن التربية الحزبية الرزينة.
كثيرة هي اسباب ازدهار مواسم الاشاعة السياسية في بلدنا، فبالاضافة الى غياب الفكر السياسي ومن ثم غياب التنافس بين البرامج، نتيجة لغياب المؤسسات السياسية المجتمعية الناضجة، هناك الطامعون من المستوزرين وما اكثرهم في بلدنا، وهم صنفان: الاول هم الطامعون بالعودة الى منصب الرئاسة او الى الموقع الوزاري، الصنف الثاني يتمثل بظاهرة مرضية صار بسببها كل حامل شهادة في بلدنا يعتقد ان من حقه ان يصبح وزيرا، بصرف النظر عن حجم حضوره في الحياة السياسية على وجه الخصوص والحياة العامة على وجه العموم، على اعتبار ان منصب الوزير مجر? وظيفة تحتاج الى شهادة، وليست منصبا سياسيا قبل كل شيء، يحتاج الى ممارسة وتجربة سياسيتين طويلتين، كما هو في الحياة السياسية السوية.
خلاصة القول في هذه القضية ان الذين يطلقون الإشاعات يليهم الذين يروجونها يلحقون الضرر ببلدنا من حيث يشعرون او لا يشعرون، لانهم يثيرون البلبلة وقد يؤثرون على اداء بعض الوزارات والمؤسسات جراء ما يطلقونه من اشاعات واكاذيب.