البراري يكتب: أوراق الملك مقابل أوراق ترامب
حسن البراري
سيشهد لقاء الملك عبدالله مع ترامب اليوم الكثير من التوتر، وسيحذره الملك من مغبة الإصرار على أفكار تصفية القضية الفلسطينية، ويأمل الملك عبدالله بأن يفلح في ثني ترامب عن هذه الترهات التي ستقلب المشرق العربي رأسا على عقب.
ترامب هدد بقطع المساعدات في حال رفض الأردن قبول استقبال أعداد كبيرة جدا من غزة. وعليه، فالورقة الوحيدة في يد ترامب هي المساعدات والتي ألمح أنها مقابل التهجير.
في حين بيد الملك عبدالله أوراق أيضا أهمها:
1. لا يعاني الملك من شرعية الحكم، وعليه سيلتف حوله الأردنيون كافة في مواجهة مشاريع التصفية. لذلك سيجلس معه الملك من موقع قوة من يمتلك شرعية الحكم وهو لا يحتاج دعم أمريكا للبقاء السياسي كما يفعل زعماء انقلابين أو غير شرعيين في بعض مناطق العالم الثالث.
2. المساعدات الأمريكية ليست من دون مقابل، فوجود قواعد أمريكية هي ورقة بيد الأردن لا عليه. فيمكن للأردن اغلاق هذه القواعد.
3. صورة الملك عبدالله في الرأي العام الأمريكية وعند النخب هي إيجابية، ولا ننسى بأنه حصل على جائزة تببملتون في عام 2018 عندما كان ترامب نفسه رئيسا. من هنا لا يمكن لترامب أن يستهدف الملك.
4. سبق ورفض الأردن صفقة القرن، وسبق وأن عارض الأردن حفر الباطن، وسبق وأن رفض الأردن الانضمام لاتفاقيات كامب ديفيد وفي كل مرة أثار غضب الأمريكان، ماذا حصل لنا؟ لا شيء.
5. التضامن العربي الكامل والرافض لأفكار ترامب. لأول مرة منذ عقود ألمس تضامنا عربيا حقيقيا ولن يقبل أي زعيم عربي أن يدخل التاريخ كزعيم وافق على تصفية قضية فلسطين.
6. الصمود الفلسطيني ورفض الفلسطينيين لفكرة خروجهم المؤقتة، فكيف سيقبلون بتذكرة اتجاه واحد فقط؟!!!
الموقف العربي أكثر من جيد ويمكن البناء عليه، لكنه ما زال سلبيا لأنه لا يتعدى مربع الاحتجاج والشجب، وحتى يأخذنا العالم على محمل الجد علينا ترجمة هذه المواقف الجيدة إلى أفعال ترفع من كلفة استسهال الولايات المتحدة في الانحياز ضد قضايانا المصيرية.
على العرب ألا يأخذوا ترامب على محمل الجد، فهو متنمر وكل متنمر جبان، وهو من النوع الذي يتراجع أمام الضغط ويغير من مواقف ويتناقض ولا يرى بأنه يفعل شيئا خاطئا.
باختصار شديد، أثق بموقف الملك وأثق بأنه لم يذهب لواشنطن لتقديم الطاعة بل لتوظيف قدراته في تقديم سردية مختلفة عن عتاة اليمين الإسرائيلي الذين استفردوا بترامب المسكين. واثق أيضا بأن الملك سيضرب بعرض الحائط أي محاولة لربط المساعدات بتغيير مواقف الأردن المعلنة، فهو يملك من الأوراق ما يؤهله للتعامل بندية، فالرئيس ترامب هو رجل صفقاتي وعلينا أن نكون كذلك أيضا، مع فارق أن فلسطين ليست للبيع.

