الرداد: الضفة الغربية تشهد المرحلة الثانية من مساعي الاحتلال... وعودة عباس بمثابة رسالة سياسية

{title}
أخبار الأردن -

   خاص 

تناول الخبير السياسيّ والأمنيّ الدكتور عمر الرداد تعقيدات الاضطرابات الجارية في الضفة الغربية، ووضعها في سياقها كجزء من سلسلة أوسع من الصراع الذي اشتد منذ الأحداث المحورية في السابع من أكتوبر.

وفي تحليله المفصل، الذي قدمه في تصريحٍ لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، أكد الرداد أن التصعيد الأخير ينظر إليه على أنه امتداد متعمد لاستراتيجية إسرائيل طويلة الأمد لإعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي للمنطقة، وخاصة من خلال أفعالها العدوانية في شمال الضفة الغربية.

وقال إن إسرائيل تحاول بناء رواية تصور من خلالها على أن عملياتها العسكرية تمثل استجابة ضرورية للتهديد المتصور الذي تشكله الخلايا المدعومة من إيران داخل الضفة الغربية، مشيرًا إلى أن هذه الرواية هي جهد محسوب لإضفاء الشرعية على تصرفات إسرائيل على الساحة العالمية، وتأطيرها كجزء من صراع أكبر ضد النفوذ الإيراني في المنطقة.

وبيّن الرداد أن الدعم الإيراني المزعوم، عسكريًا وماليًا، لحركات المقاومة في الضفة الغربية، يعتبره الإسرائيليون حافزًا لإحياء العمليات الاستشهادية داخل الخط الأخضر، وبالتالي تبرير نهجها العسكري القاسي.

ومع ذلك، أشار الرداد إلى أن هذه الرواية تخدم غرضًا مزدوجًا. فبالإضافة إلى معالجة التهديدات الخارجية، فإنها تتوافق مع الأجندة الإيديولوجية الأوسع لليمين الإسرائيلي، الذي يسعى إلى ترسيخ السيطرة على الضفة الغربية، إلى جانب احتواء هذه الأجندة، المتجذرة في رؤية إسرائيل الكبرى، على حملة منهجية من العقاب الجماعي، تهدف إلى إضعاف المقاومة الفلسطينية وتشريد السكان المحليين لتسهيل توسيع المستوطنات.

وأكد أن هذه الإجراءات ليست تكتيكية فحسب، بل هي جزء من رؤية استراتيجية تهدف إلى تغيير الواقع الديموغرافي والسياسي في الضفة الغربية بشكل دائم، مما يحول فعليًا دون إمكانية إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة.

وفي مناقشة العودة المفاجئة للرئيس الفلسطيني محمود عباس من الرياض إلى الضفة الغربية، فسر الرداد هذه الخطوة على أنها بيان سياسي مهم، فهي تؤكد الجهود المتعمدة لتأكيد استمرار أهمية وسلطة القيادة الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة، فمن خلال القيام بمثل هذه العودة المرئية إلى رام الله، يسعى عباس إلى إرسال رسالة واضحة مفادها أن السلطة الفلسطينية تظل الكيان السياسي المركزي في الضفة الغربية، والقادر على اتخاذ القرارات السيادية والحفاظ على وجودها على الأرض، على الرغم من التوترات المتصاعدة.

وتحدث الرداد بمزيد من التفصيل عن الآثار الاستراتيجية المترتبة على تركيز إسرائيل على الضفة الغربية، مشيرًا إلى أن هذا قد يكون تحويلًا محسوبًا يهدف إلى تحويل التركيز الدولي والإقليمي بعيدًا عن غزة.

وحذر من أن هذا التحول قد يمهد الطريق أمام إسرائيل لارتكاب المزيد من الفظائع في غزة تحت غطاء من العمليات العسكرية المكثفة في الضفة الغربية، وأنه من خلال الضغط على حماس عبر هذه المناورات، ربما تسعى إسرائيل إلى انتزاع تنازلات في المفاوضات الجارية، مستغلة المستويات المختلفة من قدرات المقاومة بين المنطقتين.

وأكد الرداد تفاوت قدرات المقاومة العملياتية في الضفة مقارنة بتلك الموجودة في غزة، فمقاومة الضفة الغربية، أقل تجهيزًا وتنظيمًا، مما يجعلها أكثر عرضة للتكتيكات العسكرية الإسرائيلية. ومع ذلك، حذر من أن الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية تبدو مستعدة لتكرار الأساليب الوحشية المستخدمة في غزة داخل الضفة الغربية، وهذا ما تشير إليه استعدادات إخلاء مخيمات اللاجئين في طولكرم وجنين، مما يشير إلى تصعيد محتمل في كل من نطاق وكثافة العمليات الإسرائيلية.

واختتم الرداد بالتنبؤ بأن الحملة الإسرائيلية في الضفة الغربية من المرجح أن تطول وتترسخ بعمق، وبشكلٍ خاص مع نشر قوة عسكرية كبيرة - تقدر بحوالي 7000 جندي - إلى جانب الاستخدام المكثف للطائرات بدون طيار، والجرافات، وأدوات أخرى من حرب الحصار، ما يعد تأكيدًا على أن إسرائيل مستعدة لصراع مستدام.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير