الرداد: هذه دلالات ضربات حزب الله الأخيرة
قال الخبير السياسيّ والأمنيّ الدكتور عمر الرداد، إن العمل العسكري الأخير لحزب الله - وعلى الرغم من أهميته - يعكس ضبط النفس المدروس من خلال استخدام مجموعته التقليدية والأقل تطورًا من الأسلحة، وبشكلٍ خاص، صواريخ الكاتيوشا 320 والطائرات بدون طيار.
وأضاف خلال حديثه لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن القرار باستخدام هذه الذخائر الأقل تقدمًا، بدلًا من الصواريخ الموجهة ضمن ترسانة حزب الله، كان تكتيكًا متعمدًا، فهو كان يهدف إلى تأكيد وجوده وتقديم رد رمزي، مع تجنب التصعيد الذي قد يؤدي إلى صراع أوسع نطاقًا.
وبيّن الرداد أن اختيار الأهداف يسلط الضوء بشكل أكبر على استراتيجية حزب الله، فالتركيز على القواعد العسكرية الإسرائيلية، ومرافق الاستخبارات، وخاصة تلك المرتبطة بالوحدة 8200 والموساد، ليس عرضيًا، فمثل هذه المواقع تمثل جوهر العمليات الاستخباراتية العسكرية الإسرائيلية، وضربها يهدف إلى الإشارة إلى قدرة حزب الله المستمرة على تحدي الأمن الإسرائيلي.
ونوّه إلى أن استهداف هذه المنشآت المحددة في مرتفعات الجولان وشمال فلسطين يؤكد نية حزب الله تعطيل أنشطة الاستخبارات الإسرائيلية، وإرسال رسالة ردع. ومع ذلك، فإن تأثير هذه الضربات قد تضاءل بشكل كبير بسبب أنظمة الدفاع الإسرائيلية المتقدمة، وهذا ما يشير إليه تَمَكُن القبة الحديدية من اعتراض غالبية الصواريخ، مما يدل على المستوى العالي من الاستعداد التشغيلي، وقدرات جمع المعلومات الاستخباراتية داخل جهاز الدفاع الإسرائيلي.
وقال الرداد إن إشارة إعلان حزب الله إلى إنهاء موجة هجماته الأولية، إلى جانب إعلان إسرائيل عن انتهاء ضرباتها الاستباقية، يظهر تفاهمًا متبادلًا لحدود هذه المواجهة، مضيفًا أنهما يحرصان على تجنب الصراع الكامل، على الأقل في الأمد القريب، فالرد المحسوب لحزب الله يمكن أن يُنظَر إليه باعتباره انتقامًا مدروسًا لاغتيال علي شكر، دون تجاوز العتبات التي قد تدعو إلى انتقام إسرائيلي غير متناسب أو إدانة دولية.
وفي هذا السياق، ذكر الرداد أن التركيز الأميركي على التهديد الإيراني الوشيك بدلًا من المناوشة بين حزب الله وإسرائيل يعكس أولوياتها الاستراتيجية الأوسع، وخاصة في ضوء التوترات والمفاوضات الجارية مع طهران.
وأوضح أن احتمال حدوث المزيد من التصعيد يبقى معتدلًا بسبب الحسابات الاستراتيجية لكل من حزب الله وإسرائيل، فضبط النفس الذي أبداه حزب الله في هذا الهجوم يظهر أنه ينظر للمواجهة الحالية باعتبارها مشاركة محدودة، وكافية لمعالجة المظالم الفورية مع الحفاظ على موارده وقدراته لصراع أكبر محتمل في المستقبل - إلا أنه ومع ذلك - لا يمكن تجاهل السياق الأوسع لهذا الصراع، فالمنطقة ستبقى في حالة من التهيُّج، مع احتمال التصعيد الدائم، خاصة وأنها تتأثر بشدة بالمفاوضات المتقلبة بين طهران وواشنطن.