اتفاقيات الأردن و"إسرائيل" تحت المجهر.. هل يطالها بالفعل توتر العلاقات؟

{title}
أخبار الأردن -

باتت اتفاقيات الأردن مع إسرائيل تحت المجهر أكثر من أي وقت مضى، وذلك بعدما قرر مجلس النواب مراجعة تلك الاتفاقيات وإعداد التوصيات اللازمة بشأنها من أجل تقديمها للحكومة، في مؤشر لتصاعد الموقف الأردني تجاه الحرب على غزة وتداعياتها، واستمرار تعنت الاحتلال الإسرائيلي تجاه مطالب وقف إطلاق النار وكذلك وقف المزيد من التدهور الذي يشهده الوضع الإنساني. 

وأكد مصدر نيابي لصحيفة أخبار الأردن الإلكترونية، أنه سيتم الانتهاء من مراجعة الاتفاقيات وتقديمها للحكومة خلال الأسبوع المقبل، علما أن أبرز الاتفاقيات بين الأردن وإسرائيل اتفاقية "وادي عربة" عام 1994، واتفاقية الغاز عام 2016، واتفاقية الماء مقابل الكهرباء المرتقب توقيعها نهائياً ورسمياً. 

مصدر نيابي: مراجعة الاتفاقيات الإسرائيلية ورقة ضغط

وأضاف، أن موقف مجلس النواب ينسجم تماماً مع موقف الدولة الأردنية بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني وداعم له إلى أبعد حد، مشيراً إلى أن "المجلس اتخذ قراره بشأن الاتفاقيات بوصفه ورقة ضغط فاعلة على إسرائيل التي تمارس إجراماً غير مسبوق في القتل والتدمير والتهجير ومختلف أشكال السلوكيات الوحشية تجاه أهلنا في قطاع غزة". 

وقال المصدر إن "الاحتلال الإسرائيلي لا يستجيب لأي دعوات إلى وقف الحرب ووقف تفاقم الأوضاع الإنسانية، ولا يلقي بالاً لا للقوانين ولا للمواثيق الدولية، وهو ما يستدعي اتخاذ إجراءات تشكل المزيد من الضغط عليه وتضعه في مأزق حقيقي". 

ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، بدا التحرك السياسي والدبلوماسي لافتا ومتصاعدا في المنطقة والإقليم والعالم، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، سعيا للحد من تفاقم الصراع أكثر فأكثر، ومواجهة تداعياته الإنسانية الكارثية، حيث وصل الموقف الأردني الرسمي إلى حد استدعاء سفير المملكة من تل أبيب وإبلاغها بعدم عودة سفيرها إلى عمان، فيما كان لافتاً إصدار وزارة الخارجية الإسرائيلية بياناً قبل أيام، أبدت فيه انزعاجا واضحا عندما قالت: "علاقات إسرائيل مع الأردن ذات أهمية استراتيجية لكلا البلدين ونأسف للتصريحات التحريضية الصادرة عن القيادة الأردنية".  

ومع قرار مجلس النواب بمراجعة الاتفاقيات، برزت إلى السطح العديد من التساؤلات حول ما إذا كان الموقف النيابي يعكس توجها فعليا لدى الدولة باستخدام ورقة الاتفاقيات للضغط على إسرائيل، أو أن الأمر يميل أكثر للاكتفاء باللتلويح بتلك الورقة.

الحوارات: إلغاء الاتفاقيات "نكسة كبيرة" لدولة الاحتلال

حول ذلك، قال المحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات لـ"أخبار الأردن"، إن قرار النواب يحمل الطابع السياسي أكثر من أن كونه محاولة فعلية لإلغاء الاتفاقيات.

وأضاف الحوارات، أن "ذلك من شأنه إرسال رسالة للاحتلال أن كل شيء قابل للمراجعة، وأن العلاقات معهم غير مقدّسة"، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة وسيتم التقاطها من قبلهم.

وأكد، أن "هذه الرسالة السياسية ساخنة جداً، وأن العلاقات مع الاحتلال ستخضع للمراجعة والنقاش من جديد"، منوهاً إلى أنها ستكون في إطار الرسالة أكثر من أن يكون لديها مجال للتطبيق.

وأفاد الحوارات، أن "الأردن حين يجمّد علاقاته ويلغي الاتفاقيات مع الاحتلال، ستكون صفعة لا حدود لها، وسيكون تراجع هائل لأحلامها التي بنتها على إقامة العلاقات العادية مع الدول العربية"، مضيفاً أن "ذلك سيؤدي إلى تدحرج كبير في العلاقة بين الدول العربية والاحتلال".

وأردف الحوارات، أن "الأردن ثالث دولة عربية بعد فلسطين ومصر وقعت اتفاقية سلام، وبالتالي بإلغاء الاتفاقيات سيشكل نكسة كبيرة لدولة الاحتلال، وسيمثل فشلا ذريعاً للساسة الإسرائيليين الذين لم يستطيعوا الحفاظ على علاقة مع دولة تعتبر معتدلة وتتحدث وساعية وتعرض مفاهيمها للسلام في كل خطوة تخطوها، وهذا معناه أن إسرائيل أضاعت الكثير ويثبت فشلها وعن عدم نيتها الجادة في أن تقيم علاقات سلام حقيقية، لأن الأردن يربط دائما في عمليته للسلام بتحقيق مطالب الفلسطينيين العادلة بإنشاء وإقامة وطنهم على أراضيهم الوطنية التي احتلت في الرابع من حزيران عام 1967".

السبايلة: تصعيد دبلوماسي وليس إجرائي 

من جهته، يرى المحلل السياسي الدكتور عامر السبايلة في حديثه إلى "أخبار الأردن"، أن التلويح لإسرائيل بإلغاء الاتفاقيات، يعد تصعيدا دبلوماسياً وليس تصعيداً إجرائيا طالما لم ينفذ بالفعل.

وأكد، أن هذا التصعيد يسمى توترا دبلوماسيا ومن الممكن أن يفضي بالفعل إلى خطوات عملية، منوهاً إلى أن هناك محددات كثيرة لاتخاذ خطوات حقيقية على الأرض.

وقال السبايلة، إن إسرائيل تتأثر بإلغاء الاتفاقية فقط ضمن التنسيق الأمني، مشيرا إلى أنه "نتحدث عن واقع تشكل عبر عشرات السنوات وبالتالي من الصعب القيام بخطوات أحادية الجانب بهذه الطريقة، خصوصا بوجود الولايات المتحدة كحليف أساسي للأردن في إطار المشهد". 

وبشأن اتفاقية الماء مقابل الكهرباء تحديدا، قال خبير مياه فضل عدم نشر اسمه، إن "ليس هناك جهة دولية تحكم بحقوق الأردن لدى إسرائيل في المياه، وما يحصل عليه الأردن من المياه من إسرائيل هي حقوق مائية بالأصل للمملكة، وذلك نتيجة أن إسرائيل استغلت مياه نهر الأردن وسرقتها منذ عام 1964".

وأفاد، أن "إلغاء الاتفاق في الوقت الحالي عملية صعبة، ذلك أن الأردن كان اعتماده الأكبر في مصدر المياه على سوريا، وهي منذ سنوات لا تقوم بتزويدنا بأي نقطة مياه إثر الأحداث فيها".

وقال، "إن حصة الأردن في نهر اليرموك تفوق عشرات الأضعاف مما تأخذه من إسرائيل"، معتبرا أن "الأردن لم يستعد جيدا للأمن المائي، وبدأ بمشروع الناقل الوطني بوقت متأخر، وكان اعتماده الأكبر في الفترة الأخيرة على الطاقة والمياه من إسرائيل".

لذلك، دعا إلى الاستعداد للأمن المائي في الأردن مستقبلاً، مشيرا إلى أنه "إذا تم إلغاء التراجع عن اتفاق الماء مع إسرائيل، فنحن لا نؤثر عليها بل على وضعنا الداخلي"
 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير