إجراءات طبية متقدمة بالتقسيط

{title}
أخبار الأردن -

أحمد حمد الحسبان

نشعر بالسعادة عندما نقرأ خبرا عن إنجاز طبي متميز، ونحس بالفخر لما قدمه قطاعنا الطبي من إنجازات صنفته في أعلى سلم القائمة، قبل أن يتراجع مستواه التنافسي على خلفية إدخاله ضمن المشروع التجاري المجرد. وباستخدام وسائل الترويج الاعتيادية كتلك التي تستخدم في الترويج لأي سلعة.

فقد تعودنا، في سنوات العز التي شهدها القطاع،  أن مهنة الطب إنسانية، وأنه لا يجوز لأحد أن ينزل بمستواها إلى مجالات الترويج الدعائي، وإلى اعتبار المريض أو المراجع زبونا.

فقد كان للعملية الطبية ضوابط تبدأ بقسم أبقراط، ولا تنتهي عند حدود العيب، ومكانة الطبيب التي لا يسمح بمسها أيا كان السبب. حيث يتضمن قانون النقابة العديد من تلك الضوابط، ويعتمد الدستور الطبي الكثير الكثير منها، إضافة إلى ما يتداوله العامة من أعراف تحولت إلى قواعد سلوكية ومهنية. وما تم تأسيسه من سمعة طيبة للقطاع جعل الأردن مركز استقطاب لملايين المرضى العرب، وجعل الحكومة تفكر وتخطط لتطوير ملف السياحة العلاجية.

وبعيدا عن تفاصيل المخالفات التي ارتكبها البعض وصارت نهجا لدى قطاع واسع من الأطباء، يتوقف المتابع عند حالات يعترف أطباء بأنها ليست مناسبة، وأنها قد تؤسس لأجواء من المنافسة غير المقبولة وسط صمت من قبل النقابة صاحبة الحق في ضبط العملية بأساسياتها. ومن وزارة الصحة التي تعتبر صاحبة الولاية على القطاع ككل. 

فبعد عمليات صيانة وزراعة الأسنان، وجراحات السمنة التي شهدت حالة من الفوضى، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي إعلانات ترويج لإجراء عمليات» الساد» والتي يطلق عليها اسم» الماء الأزرق»، أو» الليزك». والتي يتم من خلالها زراعة عدسة في المنطقة المعتمة من العين، لتمكين الشخص من استعادة نظره والتخلي عن النظارة ـ بحسب ما يتم الترويج له.

وكما هو واضح من الإعلانات المنشورة على صفحات التواصل الاجتماعي هناك تركيز على إجراء العملية خلال دقائق، دون الإشارة إلى أي أخطار محتملة، كتلك التي حدثت وما زالت تحدث وتؤثر على الوظيفة الرئيسة للعين.

ويبدو أن هناك إقبالا متزايدا على هذا النوع من العمليات التي تخضع للترويج العادي بكل تفاصيله، ومن ذلك المقارنة بين كلفة النظارة التي تستبدل دوريا، وما يدفع ككلفة للعملية التي يقال بأنها تنهي المشكلة من جذورها.

العمليات - كما يبدو - مكلفة، ويمكن لمن يتابع الجهة المعلنة أن يعرف تفاصيل الكلفة المادية لهذا الإجراء من خلال الاتصال مع رقم يوضع مع الإعلان، وبواسطة رسالة تتضمن الرد من قبل الجهة المعلنة، وبعد مفاوضات تجري بين الطرفين.

ولغايات الترويج لهذه الإجراءات التي يقال إن مستوى الإقبال عليها مرتفع جدا، هناك إعلانات تتحدث عن إجرائها بالتقسيط. وتقوم المراكز المعنية أو حتى الأطباء بنشر أسمائهم واستعراض مهاراتهم في هذا المجال. مع أن ما يتسرب من أروقة تلك المراكز لا يستبعد احتمالية فشل بعض العمليات وإلى مضاعفات مربكة قد تؤدي إلى فقدان النظر ولو بنسبة معينة، تماما كما حدث في مجالات عمليات إزالة السمنة التي شهدت انتشارا واسعا، واكتشفت في تفاصيلها مخالفات وصلت حد امتهان البعض لتلك الجراحة الدقيقة دون أن يكون مرخصا لممارسة هذا التخصص واستخدام مواقع غير مؤهلة لمثل تلك الإجراءات الجراحية الحساسة، وحدوث مضاعفات قاتلة أعلن عن بعضها، ولكن مع فارق بسيط يتمثل بأن «جراحة السمنة» قد تؤدي إلى الوفاة، بينما «إزالة الساد» لا يرتقي إلى مثل تلك الخطورة.

هنا، ومع الاحترام الشديد للقطاع الطبي ومنتسبيه، يبقى السؤال مطروحا حول مدى مشروعية تلك الممارسات؟، ومدى التقصير في معالجة هكذا خلل؟.

والأهم من ذلك انعكاس تلك الممارسات على صورة القطاع الذي نتمسك بكونه قطاعا وطنيا يجب أن يبقى في مكانته اللائقة.

وفي بعد آخر أكثر أهمية مصلحة المريض ومدى انعكاس تلك الممارسات على صحته.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير