المدرسة الرشدية في إربد.. إرث تاريخي برسم العبث

{title}
أخبار الأردن -

 

أحمد حمد الحسبان

كثيرة هي المباني التراثية التي ما تزال تشهد على عراقة مدينة إربد. تلك المدينة التي تجاوزت تسمية ـ حاضرة الشمال ـ لتكون عاصمة العلم والثقافة والسياسة في أكثر من حقبة من تاريخ هذا الوطن. والشواهد على ذلك كثيرة جدا وتمتد منذ عهد الدولة العثمانية ومراحل تأسيس الدولة الأردنية.

ولأن المجال لا يتسع في هذه العجالة لحصر تلك المباني وما خلفها من قصص تروي تاريخ الوطن ورجالاته، فمن المهم التوقف عند ما تعرضت له المدرسة الرشدية التي أقامتها الدولة العثمانية، في عهد السلطان عبدالمجيد، ثم توسعت الفكرة في عهد عبدالحميد الثاني لتقام مدارس مشابهة في أكثر من دولة عربية كرد على اتهام العثمانيين بمحاربة التعليم في الدول العربية التابعة لها.

وكالة أنباء الأناضول نقلت عن» جنكيز أوغلو»، مدير المركز الثقافي التركي في عمان أن المدرسة سميت بـ»الرشدية» نسبة إلى الطالب الرشيد، وهي المرحلة التعليمية المتوسطة، وكان دخولها تمهيدا للطلبة الراغبين بإكمال تعليمهم بالوصول إلى مدرسة عنبر السلطانية بدمشق.

«الرشدية» كانت واحدة من مدرستين في الأردن، حيث أقيمت الثانية في مدينة الكرك، ولكن بتصميم مختلف وبنمط معماري يشبه المكتب الحربي في استنبول ولا تزال قائمة حتى الآن.  

المدرسة الرشدية في إربد استمرت بهذا الاسم بدءا من اكتمال تأسيسها عام 1900 وحتى عام 1925، ثم أطلق عليها العثمانيون اسم «التجهيزية»- وهو اسم تركي- حتى صدور الدستور الأول للدولة الأردنية عام 1928، وبقيت بهذا الاسم لعام 1942 لتحمل اسم «إربد الثانوية للبنات» حتى عام 1958. ومن بعدها مدرسة حسن كامل الصباح حتى يومنا هذا.

كل تلك المقدمة ضرورية لإلقاء الضوء على واقع وأهمية تلك المدرسة التي خرّجت العديد من الشخصيات الوطنية التي أسهمت في بناء الوطن من خلال مواقعهم في الحكومة وفي مجالس النواب والأعيان ومختلف المواقع الرسمية والقطاع الخاص.

فبعد أن أخليت المدرسة قبل عدة سنوات بدعوى حاجتها للصيانة، وما أعقبها من معلومات حول طرح وزارة التربية والتعليم عطاء لصيانتها، لتعود مدرسة عاملة تستقبل الطلبة وفقا لما كانت عليه سابقا، فوجئ أبناء المدينة بأن عمليات الصيانة لم تأخذ في الاعتبار أنها مبنى تراثي. وأنها تحتاج إلى إجراءات ومواصفات خاصة للحفاظ على تراثيتها، وصورتها التي حافظت عليها منذ العام 1900 وحتى إخلائها لغايات الصيانة.

الإشكالية هنا أن أعمال الصيانة التي تمت والتي أعلنت وزارة التربية والتعليم براءتها منها لم تراع البعد التراثي، وتمثلت بإضافات صفية غير متناسقة مع طبيعة البناء الأصلي. ووفقا لما نقله السيد رداد التل أحد المتابعين لهذا الملف بكامل تفاصيله، وما وصل كاتب هذه المقالة من صور، فقد أضيفت واجهات إسمنتية وتم طلاؤها باللون الأبيض، بصورة تبعدها عن تراثيتها وتزيل عنها خصوصيتها التي تميزها عن غيرها من الأبنية، بما في ذلك عمر البناء الذي زاد على مائة وعشرين عاما، والذي يحكي الكثير من المحطات التاريخية ومنها قيام شخصيات من مدينة إربد بمراجعة السلطات العثمانية ومطالبتهم بإقامة مدرسة لتعليم أبنائهم، واستجابة العثمانيين لتلك المطالب وتعميم التجربة على أكثر من بلد عربي.

ما يزيد من تعقيد الأمور، ويدفع إلى التساؤل عن حقيقة ما جرى، ما تم تداوله من تصريحات لمسؤول تربوي رفيع، من أن الوزارة لم تجر أي صيانة للمدرسة المغلقة منذ خمس سنوات بناء على توصية من الجمعية العلمية الملكية. بينما يرصد أبناء المدينة والمهتمون بشؤونها تلك الحوائط الإسمنتية المطلية باللون الأبيض. وتصريحات أخرى تشير إلى أن عطاء تم طرحه لصيانة تلك المدرسة.

 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير