عمل الأطفال في تزايد.. وآخر مسح بـ2016
سبعة أعوام مضت على آخر مسح حول أعداد وواقع الأطفال العاملين في الأردن، ما يضع أكثر من علامة استفهام واستغراب، تتمحور حول لماذا كُل هذا الوقت، وما يدعو إلى الخوف أكثر هو الرقم نفسه، والذي وصل، حسب آخر مسح رسمي في العام 2016، إلى 100 ألف طفل عامل، من بينهم 45 ألف يعملون في أعمال خطرة.
عدم وجود دراسات أو أرقام حديثة حول عمل هذه الفئة، كُل هذه المُدة، يدل على إهمال مُتعمد، أو عدم اهتمام حُكومي بنسبة من السكان تُشكل نحو 40 بالمائة من قاطني المملكة، إذ يبلغ تعداد الأطفال ما يقُرب من الـ3.8 مليون طفل.. هذا رقم مُذهل، يتطلب من صانع القرار أن يكون أكثر جدية وواقعية، لعل وعسى يهتدي إلى طريقة ما يستثمر من خلالها بهذه الفئة بطريقة أفضل.
مائة ألف طفل في سوق العمل، أعمارهم لا تتجاوز الـ17 عامًا، رقم كاف للمعنيين تجعلهم يضعون خطة للتقليل من الآثار السلبية لمثل هذه الظاهرة، وتُجبرهم على إعداد العدة لإيجاد آلية تضمن الأمن والآمان لهؤلاء، والذين حتمًا أعدادهم تجاوزت ذلك بكثير خلال الأعوام السبعة الماضية، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية أن هؤلاء بُعيد سنوات قليلة، قد لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، سيدخلون مُعترك حياة جديدة من بوابة الحياة الزوجية، وبالتالي الدولة أمام أعداد ليست بقليلة غير مُسلحة بأسحلة أساسية لبناء وطن، أولها وأهمها الانتماء والإخلاص للوطن.
وبمُناسبة اليوم العالمي للحد من عمل الأطفال، والذي يُصادف في الثاني عشر من حزيران من كُل عام، يتوجب على المسؤولين أن يعملوا على تطبيق أو تنفيذ استراتيجية الحد من عمل الأطفال (2022 - 2030)، والتي تم وضعها منذ أعوام، وذلك أقل الإيمان، بعيدًا عن الشعارات الرنانة، والتي توهم الأردنيين بأنه سيتم توفير فُرص عمل لنحو مليون شخص خلال الأعوام المُقبلة.
المؤشرات تدلل على ارتفاع ظاهرة عمل الأطفال، وخير دليل على ذلك هو تقرير لوزارة العمل يؤكد ضبط 231 حالة عمل أطفال، خلال خمسة أشهر، ما يعني وجود 1.54 حالة عمل مُخالفة يوميًا، وذلك رقم بحد ذاته "مُرعب" في بلد كالأردن.. وللمُتابع أن يتخيل كم الرقم الحقيقي في حال كان هُناك توسع في عمليات التفتيش.
نقطة ثانية في غاية الأهمية، تتعلق بأسباب لجوء الطفل إلى العمل، والتي يقع على رأسها الوضع المعيشي للأُسرة (الفقر)، والوضع الاقتصادي بشكل عام، فضلًا عن أن الدراسات أثبتت وجود صلة ما بين التسرب المدرسي وعمل الأطفال.. وهُنا تقع المسؤولية على وزارة التربية والتعليم.
فوزارة التربية، مُطالبة بمواجهة هذه الظاهرة أو المُشكلة، خصوصًا أن قوة القانون بيدها، والتي تؤهلها لتطبيق ذلك، وإجبار الأُسر التي "تجبر" أولادها على الخروج من المدرسة، وبالتحديد تلك الفئة التي تدرس في المرحلة الأساسية.. وهُنا أذكر حادثة حصلت قبل سنوات عندما كان أحد وزراء التربية في زيارة إلى مناطق نائية، وقال وقتها للأهالي: "هؤلاء الطلاب أبناء الدولة. يحب أن يعودوا إلى مدارسهم، رضيتم أم أبيتهم".. فالتعليم سد منيع في مواجهة عمل الأطفال.