دور الصحافة والإعلام في التوعية بالقانون
د. أشرف الراعي
يتعلق الإعلام بشكل مباشر بالمجتمع والقانون على حد سواء؛ حيث تلعب وسائل الصحافة والإعلام دوراً مهماً وطليعياً في التوعية بالقانون، الذي يشكل المعيار المميز بين المجتمعات المنضبطة القادرة على التطور والانفتاح وترك بصمة بين الشعوب، والمجتمعات التي تعاني من التراجع؛ فحرية الرأي والتعبير في أي مجتمع تعد من أهم الحقوق الإنسانية، وقد نصت عليها العديد من التشريعات ابتداءً من الدستور وليس انتهاء بالعهود والمواثيق الدولية والقوانين الداخلية (التشريعات الوطنية)، وكل ذلك حتى يتقدم المجتمع إلى الأمام، لكن هذه الحرية يجب أن تنضبط بنصوص القانون، كما يتوجب على الإعلام التوعية بأهمية القانون في المجتمع وبخلاف ذلك فإننا سنعود إلى "شريعة الغاب".
مناسبة الحديث، هو انجرار وسائل إعلام رصينة ومحترمة إلى لعب دور "ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي" ونشر الأخبار التي لا ترقى إلى المستوى المطلوب، ونشر الإشاعات وتبادل الاتهامات والشتائم، فلا قانون يضبطها ولا أخلاق تحكمها، حتى أصبح جمع "الإعجابات" هو الدافع وراء ذلك كله، لا سيما مع التطور التقني الهائل الذي شهده عالمنا المعاصر؛ ما أدى إلى ظهور المواقع الإلكترونية الإخبارية التي أصبحت تعامل معاملة الصحف والمطبوعات وفقاً لقانون المطبوعات والنشر الأردني والعديد من القوانين المقارنة، أوالصفحات الرقمية (Digital Platforms)، ومواقع التواصل الاجتماعي المُختلفة مثل (Facebook, Twitter, Snapchat, YouTube) وغيرها من المنصات الإخبارية، وأنظمة الذكاء الاصطناعي، وأنظمة الحوسبة السحابية وغيرها.
تعمل هذه الصفحات على بث الأخبار والمعلومات والحقائق، لكنها تغفل في كثير من الأحيان عن الدور المهم للصحافة والإعلام في توعية المجتمع بحقوقه، وبأهمية القانون فيه، مع ما يمكن أن ينطوي عليه في بعض الأحيان من انتهاك للعديد من النصوص القانونية مثل استخدام بعض أساليب التشهير سواء بالأشخاص الطبيعيين، أو المعنويين، وكشف أسرارهم الشخصية، والاعتداء على معلوماتهم الخاصة أو الذم أو القدح أو الابتزاز أو بث معلومات وبيانات غير صحيحة بحجة "حُرية الرأي والتعبير" مما يمثل خطراً على المجتمع وأركانه، وتطبيق القانون فيه.
وعليه لا بد من عودة حقيقية لدور وسائل الصحافة والإعلام في توعية المجتمع بحقوقه والتزاماته، وأهمية القانون فيه، فالمجتمع والقانون والإعلام ترتبط ببعضها البعض ارتباطاً وثيقاً، في تحقيق الحماية للدولة القائمة على أسس صحيحة من القانون، وهنا تقع مسؤولية وسائل الصحافة والإعلام سواء في الحياة العامة، أو في الحفاظ على خصوصية الأفراد، أو التوعية بأهمية التشريعات القانونية الناظمة لحقوق الأفراد والمجتمعات كقانون المطبوعات والنشر وقانون الجرائم الإلكترونية وقانون العقوبات وغيرها من القوانين الأخرى ذات العلاقة والاستفادة من تجارب الدول الأخرى في هذا المجال، وهي مسؤولية وسائل الصحافة والإعلام في التوعية بالقانون وأهميته أولاً، ورجال القانون وسيداته ثانياً، وأفراد المجتمع في معرفة حقوقهم وعدم الجهل بالقانون وتتبع نصوصه ثالثاً.