هل انتصرت دمشق الرسمية؟
ماهر أبو طير
يكتب الدكتور مروان المعشر نائب رئيس الوزراء الأسبق الذي تولى مواقع عدة مقالا في صحيفة “القدس العربي” والنص عميق محمل بالتساؤلات والاستنتاجات، بشأن الملف السوري.
أبرز النقاط التي يتضمنها المقال وفقا لمنطوق المعشر أن المجتمع الدولي ليس متحمسا لإعادة إعمار سورية في ظل الوضع القائم – هذا إن كان هناك اعتقاد بأن ذلك سيشكل حافزا لعودة اللاجئين- وهذا ينطبق ذلك على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي والدول الغربية، وروسيا التي لا تملك الموارد الكافية خاصة بعد حربها مع أوكرانيا.
الإشارة الثانية المهمة قوله إن تهريب المخدرات والكبتاغون يجلب لسورية اليوم مبالغ هائلة تقدر بعشرات المليارات من الدولارات حتى الآن، ولذا فإن استعداد سورية اليوم للتجاوب الجاد مع متطلبات دول الجوار لوقف التهريب ينتابه العديد من الشكوك.
أما الإشارة الثالثة والتي تأتي على شكل تساؤلات محملة بالإجابات فتقول بيد كاتب النص…”هل ستقبل سورية بالحد من نشاط الجماعات الإيرانية المسلحة، خاصة في جنوب البلاد مع الحدود الأردنية، وهل يستطيع النظام السوري إملاء شروطه على إيران، وهو المعتمد على وجودها العسكري اعتمادا مكنه من الاستمرار حتى الآن، وما مصلحته في ذلك، وهل ستشمل سياسة الخطوة خطوة تقدم النظام السوري خطوات تجاه المعارضة السورية؟”.
أما أخطر الإشارات ورابعها والأكثر إيلاما للنفس ما أشار إليه الدكتور المعشر نهاية مقاله، بقوله.. “يبقى الأمل أن تنتهي معاناة الشعب السوري، وأن لا نتحدث عن «انتصارات» لا معنى لها، إن لم تشمل أيضا انتصارا للشعب السوري”.
الخلاصة أن المراهنة السريعة على حدوث تحولات في الملف السوري، تبدو مراهنة خاسرة، وقد تكون محاولات استرداد سورية، بشكل كلي، من الحضن الايراني، مجرد محاولات معروفة النتائج مسبقا، خصوصا، ان القرار في دمشق اليوم، ليس بيد السوريين وحدهم، بل بيد الايرانيين والروس وغيرهما، كما أن الاقتصاد البديل الذي تأسس بسبب الحرب والعقوبات، أي تجارة المخدرات، ليس سهلا التخلي عنه في يوم وليلة.
البعض يعرف انه وفقا لآخر التسريبات بشأن لقاء عمان الذي حضره السوريون فإن هناك حدة كانت طاغية في الاجتماع من جانب وزير الخارجية السوري، الذي اشترط رفع العقوبات الأميركية عن سورية لوقف تجارة المخدرات، وبدء تمويل إعادة إعمار سورية، فيما لم يعلن السوريون أي خطوات على صعيد مطالب الشعب السوري، أولا.
عالأرجح سوف تفشل سياسة الخطوة مقابل خطوة، مع دمشق الرسمية، لاعتبارات داخلية وإقليمية ودولية، والقصة ليست بهذه البساطة التي يصورها بعض المراقبين والمتابعين.
الأدهى والأمر هنا، لهجة الانتصار التي يتحدث بها النظام السوري، وجماعاته وأتباعه في أكثر من موقع، فهم يتحدثون بلهجة تقول إن العالم خضع لهم، وإن الكل يتوسل إليهم، وإن الكل يريد استرداد العلاقة معهم، وإن المؤامرة فشلت على سورية، ووحدتها.
هذه النغمة مستمدة من أسلوب الأنظمة الشمولية الدعائية التي تتعامى عن الواقع، مقابل المشاعر والشعارات، ومن حقنا هنا أن نسأل عن أي انتصار يتحدثون مع تشرد ملايين الأشقاء السوريين، ورفض ملايين السوريين العودة الى بلادهم حتى الآن طوعا، فيما تتفرج دمشق على نتائج “الإزاحة الديموغرافية” التي تسببت بها، وما نراه من خراب سورية، وتدمير اقتصادها، وتفتيت بنيتها الداخلية على أساس ديني وطائفي ومذهبي، إضافة إلى ضحايا السجون والتعذيب وغير ذلك من خسائر، تفرض على دمشق الصمت على الأقل، وليس الاحتفاء بحرب أكلت الأخضر واليابس، وما تزال غير محسومة، في ظل تقلبات إقليمية ودولية.