الذكاء الاصطناعي: أهو خطر وجودي مقبل؟

{title}
أخبار الأردن -

خالد دلال

 

في مقابلة له مؤخرا مع وكالة رويترز للأنباء، يرى رائد تقنية الذكاء الاصطناعي، جيفري هينتون، أن الذكاء الاصطناعي قد “يشكل تهديدا للبشرية أكثر مما يشكله التغير المناخي”.

هينتون، الذي استقال مؤخرا من عمله في مجموعة غوغل العالمية، والذي عبر عن ندمه على العمل هناك، على قناعة أن خطر الذكاء الاصطناعي يكمن في وصوله لدرجة من الذكاء قد تتفوق بمراحل على ذكاء البشر، ما يهدد مستقبل سيطرة الإنسانية على الأرض. وهو يرى “أن بعض مخاطر روبوتات الدردشة الذكية مخيفة للغاية”.

الرجل لا يقلل من خطر التغير المناخي وما قد يسببه من ارتفاع غير مسبوق لدرجات الحرارة وما يقود إليه من كوارث طبيعية مروعة تهدد حياة البشر من فيضانات عارمة وأعاصير قاتلة وحرائق مهلكة وجفاف حاد وغير ذلك، لكنه على قناعة أن خطر التغير المناخي يمكن احتواؤه بالحد من انبعاثات الكربون المدمرة من الوقود الأحفوري والتوجه نحو مصادر الطاقة النظيفة، لكن المشكلة في الذكاء الاصطناعي هو عدم الوضوح ما على البشرية فعله، وقد يكون الأصح عدم الاتفاق على ما علينا فعله.

ولعل هذا هو السبب وراء الجدل الذي احتدم مؤخرا، وما يزال مشتعلا، بين عملاق التكنولوجيا، الملياردير إيلون ماسك، الذي دعا مؤخرا “لوقف تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي لمدة 6 أشهر”، وبين ملياردير آخر، وهو المؤسس المشارك لشركة مايكروسوفت، بيل غيتس، الذي يعارضه بشدة، مؤكدا أن مثل هذا الأمر سيؤخر تقدم البشرية.

والسؤال: هل كل من ماسك وغيتس يتحدثان فعلا خوفا على مصالح الإنسانية، أم هي مصالحهما ما يحرك المياه الساكنة؟ خصوصا مع أنباء عن ضخ شركة مايكروسوفت لاستثمارات بمليارات الدولارات، بالتعاون مع منظمة أوبن أيه آي، المطورة لبرنامج الدردشة الشهير ChatGPT، ما يضر حتما بمصالح ماسك التجارية، وهي عديدة، ما دفعه هو وآخرون، ومنهم المؤسس الشريك لشركة أبل، ستيف وزنياك، في رسالة موقعه في آذار الماضي إلى الدعوة لوقف تطوير أنظمة أحدث وأقوى على تقنية ChatGPT.

وفي الحديث عن ChatGPT، فإن نسخته الأخيرة تحمل في طياتها تطورات علمية هائلة وغير مسبوقة، لكنها قد تسهل عمليات التلاعب والتضليل ونشر الأخبار الكاذبة والتزوير واختلاق الأمور الوهمية وغير ذلك، ما يضر بأمن وسلامة الدول والمجتمعات والأفراد.

وقد أدت هذه المخاوف إلى قيام البيت الأبيض مؤخرا باستدعاء رؤساء شركات التكنولوجيا، والتأكيد عليهم رسميا ضرورة “حماية الجمهور من مخاطر الذكاء الاصطناعي… وبأن عليهم واجبا أخلاقيا لحماية المجتمع”. وهو ما دفع نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، في بيان عقب الاجتماع، بحسب شبكة بي بي سي الإخبارية، إلى القول “إن التكنولوجيا الجديدة يمكن أن تشكل خطرا على السلامة والخصوصية والحقوق المدنية، على الرغم من أن لديها أيضا القدرة على تحسين الحياة”.

الحديث عن مخاطر الذكاء الاصطناعي ليس بالأمر الجديد، فقد حذر منها قبل سنوات عالم الفيزياء البريطاني الشهير، ستيفن هوكينغ، قبل وفاته، بقوله لبي بي سي: “إن النجاح في تطوير ذكاء اصطناعي كامل قد يؤدي إلى فناء الجنس البشري”. وطبعا كل ذلك بسبب ما أشار إليه من أن أنظمة الذكاء الاصطناعي قد تصل إلى مرحلة قادرة فيها على “إعادة تصميم نفسها بوتيرة متسارعة. أما البشر، المحكومون بعملية تطور بيولوجية بطيئة، فلن يتمكنوا من منافسة هذه التقنية التي ستتفوق عليهم”.

وما بين من يرى في الذكاء الاصطناعي صديقا ومن يراه عدوا، ستستمر البشرية في صراعها الذي لا يعلم أحدا نهايته إلا الله سبحانه وتعالى. “وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ”.

 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير