عودة سورية لجامعة الدول العربية
صوت مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين بالموافقة على استئناف سورية لممارسة أعمال عضويتها بالجامعة. القرار جاء بعد اجتماعين مهمين أحدهما في عمان والآخر في جدة، وعدد من الزيارات الرسمية لسورية ومنها لمحيطها العربي. الأجواء إيجابية في أن تكون سورية قد عبرت صفحة دامية من تاريخها وأن تعود دولة فاعلة في المنطقة بكل ما لها وما عليها، وان تتزن في علاقاتها مع محيطها وتبتعد عن لغة الاستفزاز التي جلبت لها الكثير من الأعداء. كان المطلوب لعودة سورية طبيعيا وفي الحد الأدنى، وهو الحفاظ على أمن الحدود ومنع تهريب المخدرات والسلاح، واتخاذ إجراءات فعلية لمكافحة ذلك، بما فيها السيطرة على عمل الميليشيات الأجنبية، وخلق أجواء تساعد على عودة طوعية للاجئين.
الدول العربية البراغماتية سعت لإعادة سورية لانها تدرك أن الوضع الحالي غير قابل للاستمرار، سوف يزيد من خلاله التهريب وتغلغل الميليشيات في سورية، لذلك فإعادة سورية للجامعة أمر استراتيجي مهم يصب في مصلحة الجميع لا سيما وغياب خطة دولية واضحة للتعامل مع سورية غير نظام عقوبات لم يأت بأي نتيجة وقلة هي الدول التي تلتزم به. إعادة سورية معناها مساعدتها سياسيا على الأقل، وبالتالي جلبها خطوة نحو عروبتها وابعادها عن إيران المتغلغلة للحلقوم في سورية. أدركت إيران ذلك، وبحكم حجم سيطرتها وتأثيرها على سورية، بادر الطرفان لزيارة رفيعة المستوى للرئيس الإيراني أكدت التحالف الاستراتيجي، وتم خلالها توقيع اتفاقيات مساعدات جديدة تقنية وفنية ستزيد من تغلغل إيران في سورية. الزيارة سياسية استراتيجية بامتياز تريد منها إيران القول ها نحن هنا ولن يضيع جهدنا في سورية، واننا سوف نقبض ثمن ما دفعنا من مال وعتاد ودماء، وما بين السطور كأن إيران تريد أن تقول أن سورية ستدفع ثمنا ان هي لم تكن وفية لما فعلناه لها. إيران ذكرت سورية بحجم المديونية الكبير الذي تدين به لها، وأن عبور الأيام الصعبة لا يعني القفز على حقائق الميدان التي فيها إيران تغلغلت وتستخدم سورية ساحة أمامية لساحتها الأمامية الأولى العراق. هذا واقع يجب أن نعيه جميعا.
الولايات المتحدة والعالم بغالبيته لا يؤيد الانفتاح على سورية والتطبيع معها، ولا يشجع الحلفاء على ذلك، ولكنه لم يمنعهم، اكتفى أن أخذ علما بتوجههم ورأيهم حول هذا الأمر. العالم يرى أن لا بد من معاقبة سورية على ما جرى وهو يفعل ذلك ضمن نظام عقوبات من خلال قانون قيصر، ولكن العقوبات ليست بديلا عن الحل، لا بل أن كل ما تفعله العقوبات عمليا هو دفع شعب سورية لمزيد من المعاناة ونظامها للاقتراب أكثر من إيران. هذا خطأ ويبدو أن العالم لم يتعلم من تجربته مع العراق، عندما ترك للنفوذ الإيراني لسنوات دون أن يوازن هذا النفوذ العرب من جيران العراق. الأفضل والأحكم أن نكون براغماتيين في التعامل مع سورية وأن نوازن النفوذ الإيراني فيها، لا أن تترك نهبا له.