عصا وجزرة واشنطن لمعالجة أزمة المناخ

{title}
أخبار الأردن -

محمود الخطاطبة

 

الجميع يعلم معنى ودلالات القول المأثور «يضع السُّمَّ في الدَّسم»، الذي يُطلق عادة على من يُظهر الخير ويُبطن الشر، أو من يُقدم شيئًا ضارًّا في شكل جذاب أو صورة جذابة.. وهذا القول أو بمعنى أصح ذلك الأمر، الذي ظاهره خير وباطنه شر، ينطبق تمامًا على ما عرج إليه مُساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون تنسيق المُساعدات الإقليمية، كريس باكماير، خلال مُقابلة أجرتها معه الزميلة فرح عطيات، ونشرتها «الغد» يوم الأحد الماضي، تمحورت حول أزمة المناخ العالمية، بما تتضمنه من نُدرة المياه وتلوث الهواء.
 
وعلى الرغم من أهمية موضوع أزمة المناخ العالمية، التي من أهدافها تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول العام 2050، والحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة العالمية في حدود 1.5 درجة مئوية، وتطوير تكنولوجيا الطاقة النظيفة. إلا أن المسؤول الأميركي يلوح، بطريقة أو بأُخرى، بـ»العصا والجزرة»، بشأن ضرورة تعامل كُل دول الإقليم، بما فيها دولة الاحتلال الإسرائيلي، مع بعضها بعضًا، للتغلب على هذه المُشكلة.
 
أمر بديهي، أن هذا المسؤول، وكُل من هو على شاكلته، لا يهتم أبدًا بدول الإقليم العربية، بل على العكس تقع في آخر سلم أولوياتهم، فالأمر الأهم الوحيد بالنسبة لديه ولديهم، هو ذلك الكيان المُغتصب، وتحقيق كُل ما هو مُتاح لرفعته وتقدمه وازدهاره، ولو كان ذلك على حساب الدول المُجاورة له.
 
المسؤول باكماير يقول حرفيًا، في مقابلته تلك، «إن اللقاءات التي أُجريت مع مسؤولين إسرائيليين تركزت على أن ظاهرة التغير المناخي لا تقع مسؤولية حلها على دولة دون الأُخرى. بل لا بُد من مُشاركة المسؤوليات، والتبعات الاقتصادية الناجمة عنها».
ويُضيف «أن منطقة الشرق الأوسط لا تتمتع بما يُسمى بالتكامل الإقليمي، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالشأن الاقتصادي والتجاري. من هُنا تعمل الولايات المُتحدة الأميركية، من خلال أذرعها الرسمية والدبلوماسية، وعبر القطاع الخاص، لمُساعدة دول في المنطقة لتعمل معًا لحل هذه المُشكلات (نُدرة المياه وتلوث الهواء)».
 
المسؤول الأميركي يدعو لتوسيع الشراكة مع الدول العربية بشأن ملف التغير المناخي، ولسان حاله يؤكد أن ذلك لا يتم إلا بالتعاون مع دولة الاحتلال، اقتصاديًا وتجاريًا.. الكثير يعلم مُناسبة كلام باكماير، وكأنه يلوح بـ»العصا والجزرة»، ويوحي بأنه لا تعاون بشأن الطاقة النظيفة، وإيجاد حل لمُعضلة نُدرة المياه أو على الأقل التقليل من آثارها السلبية، وكذلك موضوع تلوث الهواء، إلا بشراكة وتعاون وتنسيق مع الكيان المُغتصب.
 
بما أن باكماير يُريد تحقيق أمر، ظاهره خير وباطنه شر، فما الذي يمنع الدول العربية من أن تأخذ القسم الأول من كلام المسؤول الأميركي، والمُتعلق بالتعاون، على محمل الجد؟.. نعم، الدول العربية مُطالبة بالتنسيق والتعاون والشراكة، ليس في مجالات التغير المناخي فقط، وإنما كذلك في ملفات تجعلهم في مصاف الدول المُتقدمة، والتي تتمثل بالتعليم والصحة والنقل.
 
المسؤول الأميركي لم يكتف بدعوة العربي الرسمي إلى التعاون والتنسيق مع دولة الاحتلال، بل يُلوح بـ»الجزرة» للقطاع الخاص العربي، موهمًا إياه بأنه ستكون هُناك فُرص استثمارية كبيرة.. وهُنا ما ينطبق على العربي الرسمي ينطبق أيضًا على القطاع الخاص، الذي يتوجب عليه التنسيق بشكل أكبر في كُل الدول العربية، من أجل مشاريع استثمارية، في المجالات كافة، تعود بالنفع على المواطن العربي.
تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير