25 دينارا يومية العامل في قطاف الزيتون
على الرغم من أن موسم الزيتون يُشكل مصدر دخل جيّد لعمّال الزراعة، خلال فترة قطافه الممتدة شهرين على الأقل، إلا أن العديد من أصحاب العمل يتأخرون في إعطائهم أجورهم، وقد يتعرض بعضهم لإصابات تمنعهم إكمال العمل بالموسم.
لا يحصل العمّال على تعويض عن الإصابات التي يتعرضون لها، كما أن العمل بنظام عمّال الزراعة الصادر في آيار عام 2021 ما يزال معلقا، ما يعزز من الانتهاكات التي يتعرض لها عمّال الزراعة بمن فيهم عمّال موسم الزيتون.
يؤكد عمّال بموسم الزيتون، في أحاديثهم إلى "المرصد العمّالي"، أن موسم الزيتون "جيّد"، إلا أنهم فقد يتعرضون لإصابات تمنعهم عن العمل ولا يحصلون على تعويضات، وأحيانا يتأخر أصحاب العمل في إعطائهم أجورهم.
تعمل "يسرى" منذ أكثر من سبعة أعوام في الزراعة، وتقول لـ"المرصد العمّالي"، إن عمّال الزراعة في موسم الزيتون يسددون الديون التي تراكمت مسبقاً، "نبني عليه آمالا كثيرة؛ فهو موسم خير وبركة، ونحصل على أجور في ثلاثة أيام، لا نحصل عليها في أسبوع في المواسم الزراعية الأخرى".
وتوضح أن الأجر يعتمد على عدد الكيلوغرامات التي تقطف من الزيتون، ويبلغ أجر قطف الكيلوغرام الواحد عشرين قرشاً، وهي نقدر الأجر الذي تحصّله بـ25 ديناراً في اليوم الواحد، "ونحن 12 عامل وعاملة نقطف ما يقارب ألف كيلوغرام في اليوم الواحد".
وتلفت إلى أن الحصول على الأجر مرهون ببيع الزيت بعد عصر الزيتون، "صاحب المزرعة أخبرنا أن نَصبِر إلى حين بيع الزيت لنأخذ أجورنا، من المفترض أن نحصل على أجورنا كل يوم حين انتهاء العمل".
وتستدرك يسرى بأنها عملت منذ ثلاثة أعوام في مزرعة بمحافظة السلط ولم يعطها صاحب المزرعة أجرها الذي يُقدر بمئات الدنانير، وحينها قدمت لدى المحكمة شكوى ضده ولم تستفد من تقديمها شيئاً.
أما فوزي شحادات، فيعمل منذ ثمانية أعوام عامل زراعة، وينتظر كل عام موسم الزيتون لتحسين وضعه المادي، يقول لـ"المرصد العمّالي" "وضعي وأسرتي المكونة من خمسة أشخاص يتحسن بشكل ملحوظ خلال موسم الزيتون".
ويعمل الشحادات منذ ساعات الصباح الباكر وحتى الغروب، "في اليوم الواحد أقطف ما يقارب مئتي كيلوغرام من ثمار الزيتون وأحصّل أجر مقداره 25 ديناراً".
ويوضح أن الأجر الذي يحصّله يتباين بين موسم وآخر، "بعض المواسم يكون إنتاج الزيتون فيه كثيراً، ويقل في مواسم أخرى".
وتتعدد الإصابات التي قد يتعرض لها عمّال موسم الزيتون، منها: الوقوع عن أشجار الزيتون أو السقوط من المركبة أثناء التنقل من المزارع وإليها، وقد ينتج عن هذه الإصابات كسور في أحد أجزاء الجسم، تمنعهم من إكمال العمل بالموسم.
راجي السميرات تعرض قبل سنة بموسم قطاف الزيتون، لإصابة أثناء عمله بمزرعة بمنطقة الصبيحي "الشفا غورية" الواقعة بين منخفضات الأغوار ومرتفعات السلط، نتج عنها كسر في يده اليسرى. يقول لـ"المرصد العمّالي" إنه بينما كان يقطف ثمار الزيتون "وأنا جالس على جذع شجرة كبيرة ترتفع مترين لم أكن أتوقع أنّي سأسقط".
نقله العمّال إلى المستشفى، ليبلغه الطبيب بتعرضه لكسور في كوع يده اليسرى وأنه يحتاج إلى التجبير، "حينها كان تأميني الصحي منتهيا وواجهت صعوبة في تغطية كلفة العلاج بالمستشفى".
بقي السميرات نحو ثلاثة أشهر دون عمل، "كنت أحصل على أجر يومي مقداره 20 دينار من عملي، حينها أصحاب الخير لم يقصروا معي، إلا أنني لم أر وجه صاحب العمل ولم يتصل حتى ليطمئن على صحتي".
ويؤكد أنه لا يعرف شيئاً عن نظام عمّال الزراعة، ويستدرك بأن العمّال بحاجة إلى شمولهم في الحمايات الاجتماعية، "صاحب العمل بكلمة واحدة ينهي عملنا ولا يعترف بحقوقنا أو الإصابات التي نواجهها، يجب أن تكون هناك جهة تضمن حقنا".
وتستذكر يسرى موقفا تعرض له عاملان أثناء عملها في مزرعة بمحافظة السلط قبل سنتين، "سقط العاملان عن الشجرة وتعرضا لكسور في أيديهما".
ويقول رئيس نقابة عمّال الزراعة (تحت التأسيس) مثقال الزيناتي، إن الإصابات التي يتعرض لها عمّال الزراعة خلال موسم الزيتون قليلة ومن الصعب رصدها.
ويؤكد أن العمّال وإن تعرضوا لإصابات لا يحصلون على تعويضات، وهناك حاجة لجهود جماعية للمطالبة بتفعيل نظام عمّال الزراعة، الذي يضمن لهم حقوقهم العمّالية بما فيها الحمايات الاجتماعية.
تُلزم المادة "12" من نظام عمّال الزراعة، صاحب العمل الزراعي بإشراك عمال الزراعة لديه بالتأمينات المشمولة بأحكام قانون الضمان الاجتماعي. وفيما يتعلق بتحصيل الأجور، تنص الفقرة "ب" من المادة السابعة في النظام على أن "يستحق عامل الزراعة أجره خلال مدة لا تزيد على سبعة أيام من تاريخ استحقاقه ولا يجوز لصاحب العمل الزراعي حسم أي جزء منها إلا في الحالات التي يجيزها القانون".
وكان رئيس الوزراء بشر الخصاونة قد أصدر البلاغ رقم "41" في تموز الماضي، الذي يشكل تراجعاً عن إلزام أصحاب العمل بشمول عمّال الزراعة في الضمان الاجتماعي، ويعفيهم من إشراك العمّال لديهم بتأمينات (الشيخوخة، العجز والوفاة وتأمين الأمومة وتأمين التعطل عن العمل)، مستثنيا تأمين إصابات العمل حتى بداية عام 2023.
وعلى خلفية البلاغ، أعلن وزير العمل السابق نايف استيتية في بيان له مطلع شباط، أن مشروع القانون المعدل لقانون الضمان الاجتماعي يتيح لأصحاب الحيازات الزراعية شمول العاملين لديهم فقط بتأمين إصابات العمل حتى بداية عام 2024.
ووفق الأرقام الأخيرة لنشرة الإحصاءات الزراعية الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة عام 2019، فإن إنتاج الأردن من الزيتون بلغ 214 ألف طن، وتُقدر المساحة المزروعة بأشجار الزيتون بأكثر من 569 ألف دونم.
ولا توجد أرقام دقيقة حول أعداد عمّال الزراعة بموسم الزيتون أو الإصابات التي يتعرضون لها، وعلى ضوء ذلك، يقول الزيناتي إنه من الصعب معرفة أعداد العاملين بموسم الزيتون؛ لأن هناك من العاملين في بعض المناطق هم من العمالة الأسرية ويصعب الوصول إليها، وبخاصة في الشمال.