هل ما يفعله الأردن تجاه سوريا كافٍ؟... المومني يجيب
قال مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية الدكتور حسن المومني، إن الدبلوماسية الأردنية تجاه سوريا بشكل واضح، أصبحت أحد المحركات الرئيسة لتوجيه الأحداث في المنطقة، وذلك من خلال جهود حثيثة تهدف إلى إعادة الاستقرار إلى سوريا وضمان أمنها الوطني والإقليمي.
وأوضح في تصريحٍ خاص صحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنه لا يمكن إنكار دور الأردن السبّاق في طرح المبادرات الداعية إلى الحلول السلمية للقضية السورية، فذلك يعد جزءًا من مسؤولياته التاريخية في الحفاظ على استقرار المنطقة، مضيفًا أن قمة العقبة، التي جمع فيها الأردن الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بالشأن السوري، شهد انطلاق المبادئ الأساسية التي شكلت خارطة الطريق لهذا التحرك الدبلوماسي النشط، والذي لم يكن هدفه مجرد تقديم حلول عاجلة، بل البحث عن حلول مستدامة وواقعية لمستقبل سوريا وشعبها.
وبيّن المومني أن الأردن كان من أوائل الدول التي طرحت بشكل جلي أن "الشأن السوري هو شأن سوري"، وهو موقف يعكس التزامًا راسخًا بسيادة الدولة السورية وعدم التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية، وهذا الموقف في جوهره دعوة لضمان استقلالية القرار السوري، والابتعاد عن الاستقطاب الدولي أو الإقليمي الذي قد يطيل أمد الأزمة أو يزيد من تعقيدها، ومن هنا، تشكل الدبلوماسية الأردنية ركيزة أساسية في السعي لإيجاد إطار عمل منسق بين الدول العربية والدولية، يعزز الجهود لتحقيق الاستقرار والسلام في سوريا.
وفي إطار ذلك، يُعد اجتماع الرياض الذي عُقد مؤخرًا استكمالًا طبيعيًا لهذا المسار الدبلوماسي، حيث عكست القمة إصرارًا على استمرار التنسيق العربي والدولي من أجل دعم سوريا في تخطي أزمتها، فالأردن، الذي طالما كان له دور محوري في المنطقة، لا يزال يدفع بقوة في سياق التنسيق العربي والدولي لتحقيق هدف مشترك هو الحفاظ على أمن سوريا ووحدتها الوطنية، وفقًا لما صرّح به المومني.
وذكر المومني أن مواقف الأردن ومبادراته تعكس رغبة قوية في تحسين العلاقات الثنائية بين البلدين والتعاون في معالجة قضايا الأمن والاستقرار الإقليمي، إذ إن هذه الزيارات تأتي في وقت بالغ الحساسية، وتضاف إلى سلسلة من المبادرات الأردنية التي تهدف إلى تحقيق توافق إقليمي ودولي على ضرورة دعم الجهود السورية نحو السلام.
ولفت الانتباه إلى أنه لا يمكن إغفال التحديات القائمة، فالوضع في سوريا ما زال معقدًا، ويواجه تحديات كبيرة في عدة محاور. أولًا، هناك تحدي محاربة الإرهاب، حيث لا تزال بعض الجماعات الإرهابية مثل تنظيم "داعش" وغيرها من التنظيمات المتطرفة تسيطر على بعض الجيوب في البلاد. ثانيًا، ثمة مسألة تتعلق بإعادة بناء سوريا، وتحديدًا فيما يتعلق بإشراك جميع أطياف المجتمع السوري في عملية سياسية شاملة، بما في ذلك المكونات العرقية والدينية المختلفة. إن قضية العدالة الانتقالية تمثل أحد التحديات الكبرى التي تواجه سوريا في هذه المرحلة، حيث يجب إيجاد حلول تضمن حق الشعب السوري في تحقيق العدالة والمصالحة بعد سنوات من النزاع الدموي.
من جهة أخرى، لا يمكن تجاهل مخاوف بعض الأطراف الإقليمية والدولية من استغلال الفرص السياسية من أجل استعادة النفوذ في سوريا. فبينما تتسارع الخطوات الإيجابية نحو استقرار البلاد، هناك دائمًا من يسعى لتحقيق مكاسب سياسية قد تكون على حساب استقرار المنطقة ككل. لذا، من المهم أن يستمر التنسيق بين القوى الإقليمية والدولية المعنية، مع التأكيد على ضرورة أن تكون العملية السياسية في سوريا شاملة ولا تقتصر على فئة أو طائفة معينة.
ومع هذه التحديات، أشار المومني إلى أن الجهد الأردني في السعي لضمان انتقال سلمي وتدريجي في سوريا يبقى مرهونًا بتماسك الرؤية الإقليمية والدولية، التي تدرك تمامًا أن حل الأزمة السورية يجب أن يكون بيد السوريين أنفسهم، ليواصل الأردن - في هذا الإطار - تأكيد عدم نفعية الحلول السريعة أو المتسرعة، فالحل الحقيقي يكمن في التدرج في الانتقال السياسي، وفي تبني نموذج سوري يتسم بالتنوع والشمولية.