لماذا يصب بعض الذكور غضبهم على الإناث؟
عماد عبدالكريم
يعيش المجتمع الأردني صدمة كبيرة منذ أيام، تمثلت بجرائم قتل بحق نساء تمّت بطرق بشعة لا يتصورها العقل البشري.
حالة من الانفجار بالعنف من قبل الرجال تجاه نساء تمثلت بوقوع تلك الجرائم التي يرى البعض أنها مرتبطة بالحالة الاجتماعية والنفسية التي يعيشها كثير من أرباب الأسر، في حين يراها آخرون أنها مرتبطة بتنشئة مجتمعية قائمة على الثقافة الذكورية عموماً وفكرة الاستحواذ على الآخر.
وسائل التواصل تسهم بنشر العنف
من جهته، اعتبر أستاذ علم النفس والإرشاد النفسي في جامعة فيلادلفيا الدكتور عدنان الطوباسي أن مجتمع الرجال يستقوي على أي شيء، في حين أن المرأة بطبعها عاطفية وتبقى أسيرة العطف والمحبة ويبقى الرجل يتصرف بسلوكه العنيف ولا يتمسك بقيم التسامح والإنسانية.
وبين الطوباسي في تصريحات لـ"أخبار الأردن"، أن موضوع العنف في جرائم القتل التي يشهدها المجتمع مؤخرا تكمن في البعد الديني والذي حرم قتل النفس الإنسانية ودعا إلى تكريم المرأة وحفظ مكانتها.
وأكد أن المسألة مرتبطة بابتعاد الشباب عن التنشئة السليمة التي تقوم على قيم التسامح والأخلاق والعدالة الاجتماعية والإنسانية، مشيرا إلى أن غياب هذا الجانب يأخذ بهم إلى الجرائم بهذه الصورة الوحشية.
وشدد على أهمية التحذير، سواء للآباء والأمهات، من أن الآتي أسوأ إذا لم نعد إلى إنشاء الأبناء على التمسك بالثقافة والدين والإنسانية.
وبين الطوباسي أن لوسائل الإعلام دور كبير بتوجيه المجتمع نحو الجوانب الأخلاقية والقضايا الإيجابية والابتعاد عن خطاب الكراهية والعنف الذي أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مصدراً رئيسياً له.
التقليد الأعمى
من جهته، أكد الخبير في القضايا الاجتماعية والأسرية الدكتور مفيد السرحان أن تنامي ظاهرة العنف والقتل بطريقة وحشية في المجتمع الأردني خلال الأعوام الأخيرة مؤشر مقلق وخطير ويشكل خللا للقيم الأسرية والاجتماعية وغير مقبول من النواحي الاجتماعية والإنسانية.
وشدد السرحان في تصريحات لـ"أخبار الأردن"، على أننا اليوم بحاجة إلى دراسة متأنية للوقوف على الأسباب الحقيقية لتلك الجرائم ومنع حدوث هذه الأفعال الشنيعة داخل المجتمعات.
وأوضح أن أسباب هذه الممارسات ضعف المنظومة القيمية والأسرية في المجتمع؛ وذلك لأسباب منها ضعف تأثير المؤسسات التعليمية ودور المعلم والتربية وضعف مؤسسة المسجد والأسرة والعائلة والعشيرة، إضافة إلى تنامي ظاهرة التقليد الأعمى للآخرين دون تفكير عند فئة الشباب والمراهقين، حيث يعتبرونها من البطولة والتحدي وإثبات الذات دون أدنى تفكير بعواقبها.
وأشار السرحان إلى ظاهرة التأثر الكبير بالثقافة الوافدة دون تفكير أو تمحيص من خلال ما يعرض من قصص للقتل والإجرام على شاشات التلفزيون والقنوات ووسائل التواصل الاجتماعي.
وبين أن مسؤولية الإعلام كبيرة في نقل الحدث والتركيز على ما يمكن نقله من تفاصيل ودور إيجابي، إضافة إلى التوعية الاجتماعية والحث على التمسك بالقيم الحميدة التي هي قيم مجتمعنا الأردني الأصيل في الحرص على المرأة.
ولفت إلى قضية مهمة وهي التشريعات التي ينبغي أن تكون رادعة وأن تسعى إلى منع وقوع الخطأ والجريمة، مشيرا إلى أن هذا يستكمل أدوار الجميع، مع ضرورة أن تكون التشريعات مدروسة بعناية؛ ومنها على سبيل المثال القتل العمد، من خلال تنفيذ العقوبة أو تشديد العقوبات، ما يسهم بالحد من مثل هذه الجرائم في المجتمع.
تفريغ حالة الغضب في النساء
وفي هذا الصدد، قالت المستشارة القانونية في جمعية معهد تضامن النساء المحامية إنعام العشا إن المجتمع يقسو على النساء حتى بعد حالة القتل الوحشي التي يتعرضن لها، من خلال الذهاب الى إصدار أحكام وتبريرات للقتل.
وبينت العشا في تصريحات لـ"أخبار الأردن"، أن العنف موجه ضد المرأة وأن الرجل لا بد أن يكون حكيما ويضبط نفسة عند الغضب سواء لأسباب تتعلق بالحالة الاجتماعية أو النفسية أو حالة الإحباط التي يعشيها المجتمع والشباب بشكل خاص.
وأكدت أن ما يعيشه الشباب من ظروف لا يبرر العنف ضد النساء لأي سبب من الأسباب، متسائلة: لماذا لا تكون حالة اللغط التي يعيشها الرجل ضد المجتمع المحيط من حوله سواء العائلة أو الأصدقاء أو زملاء العمل؟ لماذا يتوجه ضد المرأة على وجه الخصوص؟.
وأوضحت أن من أسباب العنف والاعتداء الوحشي التي يشهدها المجتمع هو عدم احترام اختيارات الطرف الآخر، خصوصا عندما يكون هذا الطرف الآخر أنثى، حيث تظهر الذكورية المشوهة والموجودة عند بعض الأشخاص فقط وليس الجميع.