الاخبار العاجلة
المحاكم تحسم قضايا فساد بالملايين.. فما هي رسالة الدولة للأردنيين؟

المحاكم تحسم قضايا فساد بالملايين.. فما هي رسالة الدولة للأردنيين؟

عماد عبدالكريم

حسمت المحاكم الأردنية خلال الفترة الماضية العديد من قضايا الفساد التي هدر ونهب أبطالها ملايين الدنانير من موازنات الدولة، وبصورة خطفت أنظار الشارع، إذ نشرت وسائل الإعلام تصريحات من جهات قضائية ورقابية مختلفة عن حجم الفساد المرتكب في عدد من مؤسسات الدولة.

ولعل أبرز القضايا التي أعلن عنها مؤخراً، الحكم بحبس وليد الكردي المتهم بواحدة من أكبر قضايا الفساد في الأردن، خلال تولية إدارة شركة مناجم الفوسفات، إذ أصدرت الهيئة التاسعة المختصة بالنظر بقضايا مكافحة الفساد قرارها بالحبس للمتهم 18 عاماً مع غرامة مقدارها 190 مليوناً و16 ألفاً و760 ديناراً، أي نحو (267 مليون دولار). 

ونشرت وسائل الإعلام المحلية العديد من قضايا الفساد خلال الأيام الماضية؛ منها توقيف 6 موظفين يعملون في مركز الإرشاد والبحوث الزراعية بقضية فساد قدرت بـ3 ملايين دينار، وأخرى تتعلق بمدير مالي سابق لجامعة حكومية رسمية، ورئيس سابق لقسم الموازنة العامة فيها، وثلاثة موظفين كبار من جامعة حكومية أخرى ومعتمد الصرف بشبهات فساد بجناية الاختلاس المكرر والإهمال بواجبات الوظيفة وهدر المال العام.

كما تمت إحالة أمين عام إحدى الوزارات ومدير عام هيئة تابعة للوزارة ومدير إحدى الشركات العاملة في مجال السياحة بشبهة الإهمال بواجبات الوظيفة وهدر المال العام، الأمر الذي يشير إلى تحرك ونشاط كبير في حسم العديد من قضايا الفساد والاعتداء على المال العام، إضافة إلى إيداع الفسادين بالسجون، فما هي رسالة الدولة للمجتمع؟. 

غياب المحاسبة للقضايا الكبرى

أكدت الرئيس التنفيذي لمركز الشفافية الأردني هيلدا عجيلات على أهمية هذه الإجراءات ودورها في الحفاظ على المال العام وسُمعة الأردن محلياً ودولياً في محاسبة قضايا الفساد والبت فيها، إلا أنها شددت على ضرورة الاستمرار بإحالة قضايا الفساد وعدم التراخي أو إخفاء بعضها عن المجتمع والرأي العام.

وأضافت عجيلات في تصريحات لـ"أخبار الأردن"، أن المجتمع يسمع عن قضايا فساد كبيرة وعن أسماء من "العيار الثقيل" تحوم حولها شبهات الفساد أو تورطت في قضايا فساد، لكنها تبقى طي الكتمان، فلا نشهد أي تحرك نحوها أو إجراء فعلي ضدها.

وأشارت إلى أن ثقة المواطنين بالحكومة والبرلمان شبه معدومة، وهي نتيجة تراكمات من حكومات متعاقبة؛ لوجود تضارب في تصريحاتها وما يصدر عنها من وعود لملاحقة الفاسدين تحديداً، لافتة إلى أننا نحتاج وقتا لاستعادة ثقة المواطن بالحكومة، وكذلك ثقته بالبرلمان؛ كونها صاحبة السلطة الرقابية والتشريعية.

وتابعت عجيلات: لكننا وللأسف لم نصل إلى محاسبة المتهمين في القضايا الكبيرة والتي تطرقت إليها تقارير ديوان المحاسبة السنوية، بينما تم الاهتمام في القضايا البسيطة ضد صغار الموظفين رغم أنها جميعها تحتاج إلى اهتمام واحد، وتعتبر جريمة فساد وتمس المال العام.

ركاكة الحكومة في نشر قضايا الفساد الكبرى

وبينت عجيلات أن ركاكة الإرادة لدى الحكومات في محاسبة قضايا الفساد الكبرى من خلال عدم الاهتمام بالمساءلة والمحاسبة، وأكبر دليل هي تقارير ديوان المحاسبة السنوية وما تحويه من سوء إدارة واستثمار وظيفة وشبهات فساد، ولا يتم الإفصاح عنها ومحاسبة المقصرين، وبالتالي تشكل رأي عام لدى صغار الموظفين عن غياب الرقابة أو المحاسبة.

وقالت إن أهمية التحول إلى الحكومات الإلكترونية يساهم في تعزيز نهج النزاهة والشفافية، ما يعيق الفرص أمام الموظفين في القطاع العام بممارسة الفساد كون التكنولوجيا من أهم أدوات مكافحة الفساد وفقاً لمبادرة شراكة الحكومات المنفتحة، إضافة إلى أهمية رفع رواتب الموظفين وتقديم حوافز لمن يبلغ عن الواسطة والرشاوى.

تحقيق فكرة الردع العام

من جهته، يرى المحامي صخر الخصاونة أن القرارات التي تم نشرها في عدد من وسائل الإعلام مؤخراً، وخصوصا تلك القرارات التي تصدر عن المحاكم والجائز نشرها في وسائل الإعلام، تأتي تطبيقاً لمبدأ العلنية وتطبيقاً لفكرة أن العقوبة تحقق الردع العام لكل شخص قد تسول له نفسه إعادة ارتكاب مثل هذه الجرائم.

وأشار الخصاونة في تصريحات لـ"أخبار الأردن"، إلى أن كثيرا من القرارات التي تتمثل بالإحالة إلى الادعاء العام أو المحاكم المختصة لا يجوز نشرها أو إعلانها، ويجوز فقط نشر وقائع الجلسات العلنية دون التعليق عليها أو التأثير على سير العدالة، ومن باب المهنية، نوصي دائما بتضليل أسماء المتهمين أو استخدام الأحرف الأولى، لا سيما وأنهم ما زالوا قيد التحقيق ولم تصدر أحكام إدانة بحقهم.

وبين أن الرسالة التي تسعى إليها الجهات الرسمية والسلطة القضائية بشكل خاص من خلال الفصل في هذه القضايا ونشرها، هو إعلام الجمهور والشارع الأردني بنتائج هذه القضايا، إضافة إلى تحقيق فكرة الردع لكل من يسعى أو يفكر بارتكاب جرائم فساد أو هدر مالي.


تنويه.. يسمح الاقتباس وإعادة النشر بشرط ذكر المصدر (صحيفة أخبار الأردن الإلكترونية).