سؤال واحد يفضح المسار الكامل لدخول المدفأة القاتلة إلى السوق
قال الرئيس التنفيذي لمركز مؤشر الأداء "كفاءة"، المهندس معاذ المبيضين، إن العودة إلى موقع مؤسسة المواصفات والمقاييس تُظهر بوضوح وجود مواصفة فنية محددة تنظم متطلبات السلامة العامة للمدافئ الغازية (صوبات الغاز)، وهي مواصفة مستمدة من المواصفة القياسية الأوروبية رقم (EN 1196)، وتشكل مرجعًا أساسيًا لأي عملية استيراد أو تصنيع أو تداول لهذا النوع من المنتجات داخل السوق المحلي.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذه المواصفة تُلزم بوجود أسطوانة الغاز وفق حالتين محددتين لا ثالث لهما؛ الأولى أن تكون الأسطوانة مدمجة بالكامل داخل جسم المدفأة ضمن حجرة أو خزانة آمنة، وهو النموذج المعروف والمتعارف عليه في الصوبات الغازية، أما الحالة الثانية فتسمح بوجود الأسطوانة بشكل منفصل، ولكن بشرط تخزينها خارج المبنى في منطقة محمية، وربطها بالمدفأة عبر تمديدات غاز محكمة ومطابقة لشروط السلامة الفنية المعتمدة.
وبيّن مبيضين أن المنطق العملي والاقتصادي يجعل الالتزام بالحالة الثانية شبه مستحيل، إذ لا يمكن تصور أن يقدم مواطن على شراء مدفأة لا يتجاوز سعرها ثلاثين دينارًا، ثم يتحمل كلفة تمديدات غاز قد تتجاوز مئة دينار كحد أدنى، فضلًا عن متطلبات التركيب والفحص، ما يطرح تساؤلات جوهرية حول الأساس الذي سُمح بموجبه بتداول هذا النوع من الصوبات.
ولفت إلى أن السؤال الأهم يتمحور حول المواصفة التي تم اعتمادها عند استيراد أو السماح بتداول هذه المدافئ؟ أم هل جرى التعامل معها فعليًا على أنها أدوات غاز منزلي عادية، كغاز الطهي، في تجاوز خطير للفروق الفنية ومخاطر الاستخدام؟، مستطردًا أن الإجابة عن هذا السؤال كفيلة بكشف مواطن الخلل في منظومة الحوكمة والرقابة المسبقة.
وشدد مبيضين على أن هذه القضية تتعلق بمنظومة رقابية كاملة تحتاج إلى مراجعة شفافة ومسؤولة، محذرًا من أن تقييد النقاش العام أو اللجوء إلى قرارات منع النشر لن يحمي الأرواح، بقدر ما سيعمّق فجوة الثقة، في وقت يطالب فيه المواطنون فقط بمعرفة الحقيقة ومساءلة المقصرين ومنع تكرار مثل هذه المآسي.

