سارة عيسى تكتب: الفاشر... تبكي حزنًا

{title}
أخبار الأردن -

 

سارة عيسى
 

في صباح يوم لم تُشرق فيه شمس الصباح، بل أشرق يومٌ مليءٌ بالأسى، بكت مدينة الفاشر دمًا وحزنًا على تشتيت أهلها وانتزاع الطفولة منها. تتابعت المشاهد المأساوية التي هزّت العالم أجمع؛ اغتصابٌ لنساء المدينة، وإذلالٌ لكبارها، وتعذيبٌ مُميت لأطفالها. العالم نظر إلى هذه الفظائع بعيون دامعة، ومشاعر حزينة، إلا أن المأساة الحقيقية تكمن في تفاصيل القسوة.

توقفت الأنظار طويلًا عند لقطة الأم الخائفة، التي حاولت أن تحمي صغارها بجسدها من قصفِ الرصاص. لكن المشهد الأقسى لم يكن في خوف الأم، بل في براءة طفلها الذي مدّ يد العون، وكأنه يسترحم السلام من الذي يحاول قتلهم.

كيف لك يا صغيري أن تدرك أن هذا الشخص، الذي تمد إليه يدك طالبًا للنجدة، هو نفسه مَن سيقطع روحك وينهي حياتك؟ إنه الجلّاد الذي ظننته منقذًا. حتى بات الأمان والموت يتصافحان ببعضهما على يد البراءة.

وما زالت تلك اللقطة عالقة في الذهن: لقطة الأم التي كانت عيناها مليئتان بالخوف وقلبها ينبض خوفًا على فقدان أحد أطفالها. شعورها بأن الموت يقترب هو ما دفعها لضمهم بقوة إلى صدرها، في محاولة يائسة لإخفائهم عن هذا العالم المرعب.

كانت تدرك في داخلها أن لا قوة لها أمام وحشية الحرب، وأن الأمومة العاجزة لا تمتلك سلاحًا إلا صدرها. إنها تضحية الأم التي فضحت عجز الكلام أمام آلة الحرب.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية