من ينقذ النساء الكادحات في البيوت

{title}
أخبار الأردن -

 

بين رائحة الطبخ، وصوت المكنسة، وصراخ الأطفال، هناك نساء يصنعن حياة كاملة دون أن يشعر بهن أحد. نساء يبدأن نهارهن قبل الشمس وينتهين بعد منتصف الليل، لا عطلة لهن، ولا مكافأة آخر الشهر، ولا حتى كلمة شكر تليق بما يقدمنه. هؤلاء هن النساء الكادحات في البيوت، البطلات الحقيقيات خلف كل بيت نظيف وطعام جاهز وابتسامة دافئة.

قد نرى المنزل مرتبًا، والأطفال بأبهى حال، لكن لا أحد يلتفت إلى من أنهكتها التفاصيل. إلى تلك التي تمسح التعب عن وجوه الجميع بينما تتجاهل تعبها.
 فمن ينقذها؟ من يفكر فيها؟ من يقول لها "ارحلي عن المطبخ قليلاً وارتاحي أنتِ أيضًا"؟

وهنا رسالتي لكل فتاة مقبلة على الزواج:
 لا تجعلي الذهب ولا فساتين العرس مقياس سعادتك.
 لا تركضي وراء المظاهر ولا تحاولي إرضاء الناس.
 الذهب يُباع في اليوم التالي إن احتجتِه، والملابس تتبدل مع الزمن، أما الجسد فسيختلف بعد الحمل والولادة، والمظاهر لا تملأ بيتًا بالراحة.

فكّري بذكاء…
 اجعلي مهرك الحقيقي مساعدة منزل تساندك مدى العمر.
 فالمساعدة ليست رفاهية، بل هي استثمار في راحتك النفسية وحياتك الزوجية.
 هي يد تمتد لك عندما تتعبين، وسند يخفف عنك ضغط الأيام.

الكفاح الحقيقي ليس في شراء أغلى الفساتين، بل في أن تكافحي لتجعلي راحتك أولوية.
 أن تضعي في عقد زواجك بندًا غير مكتوب: أن تبقي إنسانة قبل أن تكوني زوجة أو أمًا أو طباخة.

لا تسمحي لأحد أن يقنعك أن الخدمة الدائمة هي دليل حب. الحب ليس في إرهاق الجسد، بل في حفظ التوازن بين العطاء والراحة.

الذهب يلمع، لكنه لا يخفف التعب.
 والفستان جميل، لكنه لا يغسل الأطباق.
 أما المساعدة في المنزل فهي ما يضمن لك أن تبقي قادرة على العطاء دون أن تنكسري.

فكّري بعقلك لا بعين الناس.
 واجعلي مهرك شيئًا يحميك… لا يرهقك

بات من الضروري أن يُعاد تعريف مفهوم “المهر” في ثقافتنا. فالمهر الحقيقي ليس ما يلمع في اليد، بل ما يُخفّف عن الروح. ليس ما يُعرض أمام الناس، بل ما يُعينك في حياتك.

كل فتاة مقبلة على الزواج تستحق أن تدخل بيتها الجديد وهي تعرف أن الراحة ليست ترفًا، وأن المساواة تبدأ من تفاصيل البيت، من توزيع المسؤوليات بعدل، ومن شريكٍ يدرك أن الشراكة ليست كلمة رومانسية، بل ممارسة يومية

في النهاية، ليست الدعوة إلى الراحة دعوة إلى الكسل، بل إلى العدالة. العدالة التي تبدأ من داخل البيت، حيث تُبنى أسس الاحترام المتبادل.
 إن تمكين المرأة لا يعني فقط خروجها إلى العمل، بل أيضًا حمايتها من الاستنزاف داخل جدران منزلها.

ولعلّ أبسط أشكال التمكين أن ندرك أن البيت ليس ميدان سباق لإثبات التضحية، بل مساحة حياة مشتركة تحتاج إلى توازن، ومساندة، وتقدير.
 فكل امرأة تستحق أن يُنقذها أحد من “دوامة الواجبات” التي لا تنتهي، حتى لا تبقى بطلة صامتة خلف باب المطبخ، بل إنسانة تُمنح حقها في الراحة، مثلما تُمنح غيرها حقهم في الراحة والاحترام.

الذهب يُباع، والفستان يُنسى، أما الكرامة والطمأنينة فهما كنز العمر الذي لا يُقدّر بثمن.

فلنتوقف عن تمجيد المرأة التي تُرهق نفسها لتُرضي الجميع. ولنتعلم أن نقول لها:
 راحتك حقّ، وليست أنانية.”

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية