هبة أبوزيد تكتب: مرحلة الحسم الوهمية: نتنياهو بين أوهام القوة وعزلة العالم

{title}
أخبار الأردن -

 

هبة أبوزيد 
تعيش المنطقة اليوم واحدة من أكثر المراحل تعقيدًا وخطورة في الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي. حكومة بنيامين نتنياهو، التي توهمت أنها بلغت مرحلة الحسم، تمضي في تنفيذ مخطط دموي يستهدف قطاع غزة، مدفوعة بغطاء أميركي وبأوامر مباشرة من الرئيس السابق دونالد ترامب لإنجاز المهمة خلال فترة وجيزة.

حرب إبادة شاملة

منذ أسابيع، يواصل الاحتلال قصف غزة بمختلف أنواع القنابل والصواريخ المحرّمة دوليًا، في محاولة لإعدام كل مقومات الحياة. لم يكتفِ بتدمير البنية التحتية والمنازل، بل تعمّد قطع الاتصالات والإنترنت، ليعزل مليوني إنسان عن العالم في جريمة إبادة جماعية تُرتكب بعيدًا عن أعين الإعلام. هذا التصعيد جعل إسرائيل منبوذة عالميًا، بعدما تزايدت الإدانات الدولية والمطالبات بمحاسبتها.

التظليل الإعلامي واستهداف الجزيرة

المرحلة المقبلة، بحسب مراقبين، ستكون مرحلة التظليل الإعلامي. ومع تراجع صورة إسرائيل في الرأي العام العالمي، يُرجَّح أن يكون استهداف قناة الجزيرة جزءًا من هذا المخطط، إذ يتوقع أن يطالب الاحتلال بإخلاء مقر القناة تمهيدًا لقصفه. التبريرات جاهزة: اتهام الجزيرة بترويج "شائعات" حول التجويع والإبادة في غزة، وباستضافة شخصيات تعتبرها إسرائيل "إرهابية".
لكن استهداف وسيلة إعلامية بهذا الحجم لن يمرّ دون تداعيات كبرى، خصوصًا أن قطر، الداعمة للجزيرة، قد تتخذ إجراءات حاسمة ردًا على ذلك.

مصر على خط المواجهة

إلى جانب غزة، تدخل مصر المعادلة بقوة. فالرئيس عبد الفتاح السيسي أعلن بوضوح رفضه أي محاولة لتهجير الغزيين إلى سيناء أو استهداف قيادات فلسطينية على الأراضي المصرية. تقارير إقليمية تحدثت عن حشد عسكري مصري في سيناء، في خطوة تعكس شعور القاهرة بأن الخطر بدأ يقترب من حدودها المباشرة. وهو ما يعني أن المعركة الأولى لإفشال مخططات الاحتلال قد تكون في مصر، التي تمثل البوابة الاستراتيجية لفك عزلة غزة وقطع الطريق أمام أي مشروع تهجير.

طهران والسيناريو المفتوح

إيران بدورها تترقب المواجهة. فهي تدرك أن إسرائيل قد تلجأ إلى ضربها في أي وقت، ضمن استراتيجية توسعة الصراع وتوجيه الأنظار بعيدًا عن غزة. طهران تتحضر لمثل هذا الاحتمال، في ظل تصريحات إسرائيلية متكررة حول "التهديد الإيراني".

دلالات تصريحات نتنياهو عن الهواتف

تصريحات نتنياهو الأخيرة، التي قال فيها إن "كل من يحمل هاتفًا محمولًا يحمل جزءًا من إسرائيل"، أثارت جدلًا واسعًا. هل كانت مجرد استعراض للقوة التكنولوجية الإسرائيلية ونفوذها في قطاع الاتصالات العالمي؟ أم إشارة إلى عملية محتملة شبيهة بعملية "أجهزة البيجر" التي استُخدمت سابقًا ضد حزب الله؟
في كل الأحوال، التصريحات تكشف حجم الرغبة الإسرائيلية في التلويح بالتفوق التكنولوجي كورقة ضغط إضافية في الحرب.

بين الاعتراف بالدولة الفلسطينية والضمّ

كل هذه الجرائم تدفع باتجاه نتيجة عكسية لم يتوقعها نتنياهو: مزيد من الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية. بالفعل، تتصاعد التحركات في العواصم الغربية للاعتراف رسميًا بفلسطين، وهو ما يعني أن الإبادة قد تسبق الاعتراف أو تتزامن معه، لكنها بالتأكيد عجلت بفتح هذا الملف على المستوى الدولي.
في المقابل، يواصل نتنياهو ترديد مقولته الشهيرة: "لن تكون هناك دولة فلسطينية"، وسط مؤشرات إلى نوايا حكومته إعلان السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية كخطوة لتكريس واقع الاحتلال على الأرض.

نحو الزوال

رغم كل محاولات الاحتلال، إلا أن الواقع يشير إلى أن إسرائيل تُساق إلى مزيد من العزلة والصدام مع محيطها الإقليمي والدولي. فالإبادة والانتهاكات المستمرة لا تمنحها شرعية، بل تدفعها نحو مواجهة مع العالم بأسره. والعلو الذي يعيشه الاحتلال اليوم هو علو مؤقت، أما الإمارة والسيادة على الأرض، فهي حلم لن يُمنح له، لأن سنن التاريخ تؤكد أن الظلم مهما بلغ مداه، نهايته الزوال.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية