البراري يكتب: جوهر المسألة مختلف

{title}
أخبار الأردن -

الدكتور حسن البراري

كثير من التحليلات التي انتشرت على القنوات التلفزيونية حول الهجوم الفج والوقح على قطر تعاني من قصور جوهري في فهم الحدث. ربما السبب يعود إلى أن غالبية من يحلل يقرأ فقط المترجم من الصحف العبرية التي تنشره بعض الصحف، وهي ترجمات انتقائية لا تعكس حقيقة تعقيد المشهد الإسرائيلي.

كل ما سمعته من تحليلات يستند إلى فرضية تنص على أن نتنياهو عاجز عن الموافقة على أي صفقة كانت حماس ستوافق، عليها وهي صفقة تحقق لنتنياهو أهدافه المعلنة من الحرب، ذلك أن انهاء الحرب سيفضي إلى انسحاب سموتريتش وبن غفير وبالتالي سقوط الحكومة. هذا التحليل، على الرغم من وجاهته الشكلية، يبقى سطحيًا لأنه يتجاهل البدائل المتاحة أمام نتنياهو.

كان بإمكان نتنياهو قبول الصفقة ثم طرد شركائه المتطرفين واستبدالهم بقوى أخرى على يساره لتشكيل حكومة وحدة تضمن له الاستمرار في الحكم. وحتى لا يكون هذا الكلام تنظيرًا نقول إن التجربة السياسية الإسرائيلية مليئة بأمثلة على تحولات ائتلافية سريعة مكنت رؤساء الحكومات من البقاء حتى بعد انفضاض تحالفاته الأصلية. من هنا، فإن تضخيم دور سموتريتش وبن غفير باعتبارهما عقدة مستعصية يغفل عن طبيعة النظام السياسي الإسرائيلي القائم على المناورة والانتقال بين تحالفات مختلفة.

الأهم من ذلك أن البوصلة الحقيقية التي توجه نتنياهو ليست الاستقرار الحكومي بحد ذاته، بل استثمار أي فرصة لتصفية القضية الفلسطينية. صحيح أنه سياسي انتهازي، لكن انتهازيته ليست في البحث عن حلول وسط مع الفلسطينيين بل في اغتنام اللحظة لإضعافهم أكثر وتعميق الأمر الواقع الاستيطاني. بمعنى آخر، لا تكمن مشكلة نتنياهو في ضغط شركائه اليمينيين بقدر ما تكمن في قناعته الراسخة بأن إسرائيل قادرة اليوم، وبدعم أمريكي مباشر من ترامب، على فرض شروطها النهائية دون أي التزام بمسار تفاوضي جاد.

من هنا، فإن الحديث عن قتل المفاوضات بوصفه نتيجة عملية الدوحة لا يلتقط جوهر الصورة، فالمفاوضات كانت في حكم الميت سريريًا منذ زمن طويل، بينما ما يسعى إليه نتنياهو هو دفنها رسميًا تحت أنقاض أي حل سياسي مع تعزيز منطق القوة وفرض الاستسلام كبديل وحيد.

أقول ذلك لأن التحليل كما الكتابة عندنا أصبحت وسيلة نضال وكفاح وليست وسيلة للفهم والشرح، هذا رأيي وأحترم أي رأي مخالف.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية