ابو رحمه يكتب من غزة : كلمة الصفدي في مجلس الأمن: مواجهة حاسمة وثبات موقف الأردن
بقلم:د. سعيد محمد ابو رحمه - فلسطين -غزة
في لحظة مفصلية من التصعيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، ألقى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي خطابًا قويًا أمام مجلس الأمن، وصف فيه الحكومة الإسرائيلية بأنها مارقة، وملطخة بدماء الأبرياء، ومجبولة على التطرف والكراهية، ولا تكترث بالقانون الدولي. لم تكن هذه مجرد كلمات دبلوماسية، بل إدانة صريحة ومباشرة تكشف حجم السخط الأردني والإقليمي من السياسات الإسرائيلية.
لطالما سعت الدبلوماسية الأردنية إلى الحفاظ على توازن حذر في علاقاتها مع إسرائيل، خصوصًا في ظل اتفاقية وادي عربة. إلا أن كلمة الصفدي تمثل تحولًا لافتًا في اللهجة، عنوانه أن صبر الأردن قد نفد، وأن استمرار الاستيطان والعدوان على الشعب الفلسطيني يُعتبر تجاوزًا لا يمكن السكوت عنه.
الأردن، بوصفه الجار الأقرب والأكثر تأثرًا بما يجري في الضفة الغربية والقدس، يرى أن حكومة نتنياهو الحالية تقود المنطقة إلى كارثة، وأن صمت المجتمع الدولي عن أفعالها يرقى إلى التواطؤ.
تصريحات الصفدي سلّطت الضوء على التناقض الصارخ بين القانون الدولي والممارسات الإسرائيلية. فبينما يُفترض أن يكون الاحتلال مرفوضًا دوليًا، تستمر إسرائيل في بناء المستوطنات، وتهجير السكان، وفرض وقائع جديدة على الأرض، دون أي رادع فعلي. بإدانته العلنية، يسعى الأردن إلى إعادة تسليط الضوء على جوهر الصراع: احتلال غير شرعي، وعدوان مستمر، وسياسة رسمية تتنكر للحقوق الفلسطينه.
خطاب الصفدي لم يكن موجهًا فقط لإسرائيل، بل أيضًا لحلفائها، خصوصًا في الغرب. فالأردن يدعو المجتمع الدولي إلى الكف عن التعامل مع الحكومة الإسرائيلية وكأنها حكومة طبيعية، في حين أنها تنتهج سياسات عنصرية واستعمارية.
كما أن التصريحات تحمل رسائل داخلية، تؤكد أن الأردن لن يقف مكتوف الأيدي أمام التهديدات المباشرة للأمن القومي الأردني، وعلى رأسها التهجير القسري في الضفة، ومحاولات تغيير الوضع القائم في القدس.
كلمة وزير الخارجية الأردني في مجلس الأمن جاءت في وقت حساس، لتؤكد أن هناك من لا يزال يملك الجرأة على تسمية الأشياء بمسمياتها. فالحكومة الإسرائيلية، كما وصفها الصفدي، تتصرف خارج القانون، وتجر المنطقة نحو المزيد من الدماء والفوضى.
الرسالة واضحة: لا استقرار في المنطقة دون إنهاء الاحتلال، ولا سلام في ظل التطرف والاستيطان.
في لحظة سياسية فارقة، ألقى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي كلمة أمام مجلس الأمن الدولي وصف فيها الحكومة الإسرائيلية بأنها مارقة وملطخة بدماء الأبرياء، ومجبولة على التطرف والكراهية، ولا تكترث بالقانون الدولي. هذه الكلمات القوية لم تكن مجرد موقف دبلوماسي، بل إعلان واضح عن نفاد صبر الأردن، الرسمي والشعبي، تجاه ما تقوم به إسرائيل من انتهاكات ممنهجة ضد الشعب الفلسطيني.
كلمة الصفدي جاءت انعكاسًا لموقف أردني تقليدي راسخ في دعم القضية الفلسطينية، لكنها هذه المرة تجاوزت حدود الدبلوماسية المألوفة لتواجه الاحتلال بلغة الحقيقة، وتصف الواقع كما هو. استخدام كلمات مثل "مارقة" و"ملطخة بالدماء" لم يكن عشوائيًا، بل تعبيرًا عن حالة الغضب المتصاعد في الشارع العربي، ورفض الأردن التام لما تقوم به إسرائيل من تصعيد دموي واستيطان وتهجير قسري.
الرسالة التي حملتها كلمة الوزير الأردني كانت موجهة ليس فقط إلى الحكومة الإسرائيلية، بل إلى المجتمع الدولي الصامت أو المتواطئ. إذ لم يعد مقبولًا، في ظل المجازر المتكررة في غزة، وتوسيع المستوطنات في الضفة، أن تظل القوى الكبرى تكتفي بالدعوة لضبط النفس، في حين تُنتهك حقوق ملايين الفلسطينيين يوميًا.
جاء خطاب وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أمام مجلس الأمن بلغة غير تقليدية، إذ وصف الحكومة الإسرائيلية بأنها "مارقة، وملطخة بدماء الأبرياء، ومجبولة على التطرف والكراهية، ولا تكترث بالقانون الدولي. هذا الخطاب حمل في طياته أبعادًا سياسية ودبلوماسية واضحة، نستعرض أبرزها في التحليل التالي:
استخدام الصفدي لمصطلحات قوية مثل "مارقة" و"ملطخة بدماء الأبرياء" ليس انفعالًا عاطفيًا، بل تصعيد محسوب يهدف إلى نقل حالة الغضب العربي إلى المحافل الدولية. هذا التصعيد يعكس تطورًا في الخطاب الأردني من التحذير والتعبير عن القلق، إلى الاتهام المباشر والعلني.
من خلال إلقاء الخطاب في مجلس الأمن، سعى الأردن إلى كسب الشرعية الدولية لموقفه الرافض لانتهاكات إسرائيل، وتوثيق هذا الرفض في سجل الأمم المتحدة، بما يعزز قدرته لاحقًا على التحرك السياسي أو يخاطب القانوني إن لزم الأمر.
الخطاب الداخل الأردني والعربي كذلك، حيث تتزايد الضغوط الشعبية لقطع العلاقات أو تقليص التعاون مع إسرائيل. بإظهار هذا الموقف الحازم، يثبت الأردن أنه لا يساوم على ثوابته تجاه القضية الفلسطينية، رغم اتفاقية السلام الموقعة.
الخطاب يُعيد التأكيد على أن فلسطين ما تزال في صلب أولويات الأردن، ليس فقط كقضية قومية، بل كملف يتصل مباشرة بالأمن الوطني الأردني، نظرًا للجغرافيا، والتركيبة السكانية، والدور التاريخي للمملكة في القدس والمقدسات.
يتهم الخطاب المجتمع الدولي بالتقاعس عن وقف الانتهاكات الإسرائيلية. فحين يقول الصفدي إن الحكومة الإسرائيلية لا تكترث بالقانون الدولي، فإنه يسلط الضوء على غياب الردع والمحاسبة، داعيًا بشكل غير مباشر إلى تحرك دولي أكثر جدية.
هذا الخطاب قد لا يكون نهاية التصعيد الأردني، بل بدايته. وهو يُمهّد لمواقف دبلوماسية أو سياسية أكثر وضوحًا، خاصة إذا استمرت إسرائيل في توسيع الاستيطان وارتكاب الانتهاكات في الضفة وغزة.
يمثل خطاب الصفدي تطورًا نوعيًا في الخطاب السياسي العربي داخل أروقة الأمم المتحدة. هو إعلان صريح بأن الصبر السياسي على السياسات الإسرائيلية بدأ ينفد، وأن هناك حدودًا للأردن لن يسمح بتجاوزها، خاصة عندما يتعلق الأمر بحقوق الفلسطينيين ومبادئ القانون الدولي.
الخطاب لم يكن سياسيًا بحتًا، بل حمل بُعدًا إنسانيًا واضحًا، خصوصًا باستخدام تعابير مثل "دماء الأبرياء" و"الكراهية". هذا الجانب يُخاطب الضمير العالمي ويهدف إلى نزع الشرعية الأخلاقية عن الحكومة الإسرائيلية أمام المجتمع الدولي، عبر تسليط الضوء على معاناة المدنيين الفلسطينيين في ظل الاحتلال.
من خلال تأكيده على تطرف الحكومة الإسرائيلية، يُحاول الصفدي تفكيك الرواية التي تروج لها إسرائيل في الغرب بأنها دولة ديمقراطية تدافع عن نفسها"، ويطرح بديلاً سرديًا يفضح ممارسات الاحتلال بوصفه عدوانيًا، استيطانيًا، وغير ملتزم بأي مرجعية قانونية دولية.
يتزامن الخطاب مع تنامي النقد الدولي لإسرائيل، سواء في أوروبا أو الجامعات الأميركية. بالتالي، فإن لهجة الصفدي تواكب هذا التغير العالمي وتدعمه، وتدعو إلى الانتقال من التعاطف إلى الفعل، ومن الإدانة إلى المحاسبة.
الخطاب يحتوي ضمنًا على تحذير من أن استمرار السياسات الإسرائيلية سيقود إلى انفجار إقليمي أوسع. فالأردن، كما هو واضح، يلوّح بأن صبره السياسي قد بلغ حدوده، وهو ما يضع إسرائيل أمام حسابات جديدة تتجاوز الداخل الفلسطيني.
خطاب الصفدي أمام مجلس الأمن ليس مجرد إدانة، بل تحوّل في اللغة السياسية الأردنية من ضبط النفس إلى المواجهة الدبلوماسية. وقد يكون ذلك مؤشرًا على أن الأردن، وربما دولًا عربية أخرى، بدأت تعيد تقييم علاقاتها مع إسرائيل في ضوء التطورات الميدانية وانهيار الأفق السياسي.
إنه خطاب يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعاطي العربي الرسمي مع الاحتلال، عنوانها: لا صمت بعد اليوم.

