البراري يكتب: طعنة في الظهر
حسن البراري
هكذا بدت الخطوة الإسرائيلية تجاه قطر، طعنة في ظهر الوسيط. وهذه ليست المرة الأولى، ففي عام 1948 قامت اسرائيل باغتيال الدبلوماسي السويدي مبعوث الأمم المتحدة الكونت فولك برنادوت لا لذنب اقترفه سوى أنه جاء إلى المنطقة لايجاد صيغة تفاهم بين العرب وإسرائيل لوقف الحرب.
في مقابلة على شبكة السي إن إن أوضح رئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن بما لا يدع مجالًا للتأويل أن استضافة قطر لمكتب حماس لم تكن قرارًا منفردًا، بل جاءت استجابة لطلب أمريكي – إسرائيلي مشترك جرى حوله تنسيق مباشر مع الشاباك والموساد ووزارة الدفاع الإسرائيلية. وعليه، لم يكن سرًا، بل كان معروفا عند كل الحكومات الإسرائيلية، من أولمرت مرورًا بلبيد وبينت وصولًا إلى نتنياهو.
حاولت إسرائيل قلب الطاولة وتزييف السردية، فتتحدث بوقاحة عن "مكتب حماس" وكأنها لم تكن شريكًا أصيلًا في ترتيباته. إنها ليست إلا طعنة جديدة تكشف عمق الازدواجية الإسرائيلية، وتفضح إرهاب الدولة الذي تمارسه حين تعجز عن حصد ما تريد على طاولة المفاوضات أو في الميدان. فما حدث ليس مجرد تشويه متعمد لقطر، بل هو مسعى لاغتيال المفاوضات نفسها، وإغراق المنطقة مجددًا في منطق الدم والنار. إسرائيل التي تعرف جيدًا أن الحقائق لا تموت، تواصل مع ذلك ارتكاب فعلها الأخطر: قتل فرص السلام وتدمير جسور الحوار. وهنا، يحق لنا أن يتساءل عن من الذي يصر على أن يظل العنف اللغة الوحيدة في المنطقة!
قمة عربية إسلامية ستلتئم في الدوحة في الأيام القليلة القادمة للتوصل إلى رد رادع لإسرائيل التي باتت تتصرف وكأننا نعيش في عصرها! لا يمكن للعرب والمسلمين أن يتجاوزا ما حدث، فالإهانة طالت الجميع والسكوت على ما جرى سيكون بمثابة دعوة ذهبية لدولة الكيان لاستهداف سيادة أي دولة في المنطقة.

