الدباس يكتب : الاعتذار الصامت: زيارة نائبات الإخوان المسلمين إلى ضريح وصفي التل؟

د محمود الدباس
1/4
استوقفني كثيرًا، كما أنه كان مدار استغرابي، ذهاب عدد من نائبات الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي في زيارة إلى ضريح الشهيد وصفي التل. تبع ذلك نشر عدد من الصور خلال زيارة الضريح، مع كتابة سطور منهن تخص وصفي التل مدحًا وتمجيدًا. الاستغراب جاء من حيث أن رمزية وصفي التل لم تكن يومًا ضمن الرمزيات السياسية التي يؤمن بها الإخوان المسلمون. الأكثر غرابة أنه وقبل فترة تحدثت النائبة هدى العتوم خلال مداخلة نيابية لها عن ضرورة حذف ما يخص أيلول من المناهج الدراسية. في مداخلتها تلك، قالت العتوم إن أيلول كان أسودًا. بعد ساعات من ذلك، كان هناك موجة احتجاج شرسة من قبل اليمن الوطني، تقول إن أيلول لم يكن أسودًا، وإنما كان أبيضًا؛ لأنه حمى الدولة والنظام من السقوط، كما أنه منع الفوضى، مع استذكار وصفي التل بكل تأكيد.
2/4
في ربط حديث النائبة العتوم داخل البرلمان بما يخص أيلول من العام 1970م مع الزيارة التي تمت إلى ضريح وصفي التل من ذات عضوات الكتلة البرلمانية، أقول إن الكل يعلم أن وصفي التل هو بطل العبور، فهو المنظر السياسي لما سبق، وهو القائد الفعلي الذي ضبط الفوضى. لذلك تم تخليد وصفي وبقي، رغم كل تلك العقود التي مضت على اغتياله واستشهاده، أنه أحد أهم رمزيات الوطنية الأردنية . لدرجة أن سياسيًا فلسطينيًا كبيرًا قال إن وصفي كان (أكثر كثيرًا من رئيس وزراء، ولكنه أقل قليلًا من ملك)، وأن وصفي (هو أقوى وأشرس رئيس وزراء مر في تاريخ الأردن السياسي). من هنا تكون الزيارة التي قامت بها عدد من نائبات الإخوان إلى ضريح وصفي أنها بمثابة مخالفة أو اعتذار عما ورد في خطاب النائب هدى العتوم. يعزز ذلك أن النائبتان الأكثر بروزًا في الزيارة، وهما ديمة طهبوب ونور أبو غوش (اعتذارًا مسبقًا من بقية النساء ممن كن ضمن الزيارة ولم أكتب أسماءهن). أكمل أن طهبوب وأبو غوش أنهما من أصول فلسطينية، فيما العتوم هي من أصول شرق أردنية، مما يؤكد أن ما قام به وصفي هو حرب ضد الفوضى وليس ضد الفلسطينيين. مع الإشارة هنا إلى أن طهبوب قد سبق لها وأن تحدثت عن وصفي التل خلال مداخلة نيابية لها في المجلس النيابي الثامن عشر، مشيدة بوطنيته العالية.
3/4
في هذا المقام، وحيث إنني في السنوات الأخيرة، ومنذ العام 2013م، كنت من أكثر الذين ألقوا العديد من المحاضرات والمقابلات الإعلامية، ومن الذين كتبوا المقالات التي تخص وصفي التل، اعتمادًا على قراءات وأوراق بحثية عديدة قمت بإعدادها. أشير هنا إلى أن أول وزير من الإخوان المسلمين في تاريخ الأردن السياسي كان في حكومة وصفي التل، وهو المرحوم إسحاق الفرحان. مما يعني أن هناك تحولات في شخصية وصفي التل في سنواته الأخيرة، نحو الإسلام السياسي. وربما أن هناك جانبًا سياسيًا مخفيا في شخصية وصفي أنه كان ذو عمق ديني. لذلك كان الإخوان المسلمون ممثلين في إحدى حكوماته؟
4/4
ختامًا، أقدر عاليًا الجهد الأخير الذي تقوم به بعض نائبات الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي، من حيث محاولة الظهور بخطاب إسلامي يقترب من هويتنا الوطنية. لكن هل أن هذا الجهد سيكتب له النجاح في تغيير الصورة التي كرسها الإخوان في خطاباتهم ومسيراتهم؟ أم أن كل ذلك يأتي بعد أن أطلق الحكم صافرة النهاية فيما يتعلق بالإخوان المسلمين حظرًا، أو فيما يتعلق بحزب جبهة العمل الإسلامي حلًا أو تحجيمًا؟ ليس لدي إجابة قطعية!