أبو دلو يكتب: دور الأحزاب في تحصين الجبهة الداخلية

معاذ وليد أبو دلو
ما بعد الانتخابات النيابية الأخيرة لمجلس النواب العشرين، لم نعد نرى أي نشاط حزبي كما كان قبل الانتخابات بشهور معدودة، فظهرت حالة من البرود الحزبي خصوصا في ظل عدم نجاح عدد كبير من الأحزاب بالانتخابات الأخيرة، وفي الوقت ذاته، ولنكن واضحين بأن الأحزاب أصلا غير ناشطة على الساحة السياسية وحتى الاجتماعية، والبعض يعزي ضعف الأحزاب لكون التجربة حديثة لبعضها، وتحتاج لفترة زمنية، وما أتمناه هو أن تكون هذه الرؤية صحيحة، علما أنني أعارضها لأسباب عديدة، وليس في هذا المقال متسع لذكرها.
وبالعودة للأحزاب القائمة ونشاطها، تتسارع اليوم أحداث الإقليم، والجميع يشهد تصاعد وتيرة التقلبات السياسية، فيما وطننا يواجه مشاريع إقليمية عديدة وخطيرة، ومن الممكن أن نزج في حسابات هذه المشاريع لخدمة مصلحتها لا مصلحتنا، ولا يعني ذلك تأكيد أننا سوف نكون جزءاً منها، ولكن يتوجب علينا التحوط، لأن أساس مواجهة أية أخطار خارجية هو صلابة الداخل الذي يعتمد على نظام سياسي قوي، إلى جانب وعي المواطن، وهنا يكمن دور مؤسسات المجتمع المدني وخصوصاً الأحزاب، لهذا السبب يتبادر في أذهاننا اليوم أين هي الأحزاب؟ وما هو نشاطها ودورها في العمل على تحصين الجبهة الداخلية، بحيث لا نرى إلا مناكفات داخلية لدى البعض منها، والبعض الآخر منها يصدر بيانات متشابهة بالصيغة والمضمون دون نشاط على أرض الواقع، والأصل أيضاً أن يكون للأحزاب دور محوري في تحصين الجبهة الداخلية.
إن للأحزاب أدوارا مهمة مهما اختلفت سياساتها وبرامجها الداخلية، ولكن بمواجهة أخطار خارجية يجب أن تكون قوية وصلبة وقريبة من الشارع، وعليها العمل على ضرورة التشجيع على المشاركة السياسية وأن تكون منفتحة، وأن تتقرب وتنشط بنشر برامجها لاستقطاب المواطنين ومن ثم الإيمان بأفكارها والانخراط فيها، بالإضافة لتعزيز دورها في إتاحة الفرصة للمواطنين بالتعبير عن رأيهم ضمن إطار حزبي منظم، خاصة بأن لها دوراً مهماً كوسيط بين الدولة والمجتمع أو الشارع لطرح حلول ومحاولة معالجة القضايا التي تهدد الاستقرار الوطني والداخلي، فيكمن نشاطها وقوتها حال كانت فعلاً كذلك في مواجهة الشارع بالحوار وإبعاده قدر المستطاع عن التصعيد الذي يضر بالدولة، إضافة لذلك، مواجهتها للتحديات الخارجية وتوعية المواطنين بها لكونها تواجه الوطن بكافة أشكالها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الأمنية بصورة تؤثر على استقرار الوطن والمساعدة في طرح الأفكار والحلول القادرة على تخطي تلك العواصف، وهنا يتوجب عليها أن تتصدر المشهد ببناء موقف وطني موحد يدعم سياسات وسيادة الدولة، لذلك على أحزابنا أن تكون فاعلة ومؤثرة وتنال ثقة الشارع بالمشهد الوطني، كما عليها دور مهم في تحصين الجبهة الداخلية، وهذا يعتمد على تصديها لهذا الدور بفاعلية لحماية مصالح الدولة العليا بما يواجهه من أخطار خارجية.
نحن في إقليم مشتعل، ووطننا الأردن يعاني نتيجة الأحداث المحيطة بحدوده، ونتيجة لموقعه الجيوسياسي، ولهذا السبب، يتوجب على الجميع أن يكون واعياً للحفاظ على استقرار الوطن والمنجز الذي بناه الأجداد والآباء.