حمدان يكتب: شركة محلية في مواجهة سيكولوجية الجماهير

حارث حمدان
ما إن أعلنت إحدى شركات البن المحلية رفع أسعار منتجاتها في الأسواق بسبب الارتفاع العالمي "الكبير" الذي طرأ على سعر مادة القهوة حتى بدء الهجوم غير المبرر على هذه الشركة المحلية وبدأت الجماهير تستنفر بعضها البعض في دعم من بعض النخب ودون تحقق وكيل التهم "جزافا" دون تثبت أو دون أي نقد علمي مبني على أرقام واضحة.
وبلغة الاقتصاد فإن "الأرقام لا تَكذب" وليس دفاعا عن الشركة وإنما بحثا عن الحقيقة في مواجهة سيكولوجية الجماهير.
والذي يقرأ كتاب "سيكولوجية الجماهير" لعالم النفس الفرنسي جوستاف لوبون- الكتاب يقدّم تحليلا موسعا للسلوك الجمعي وتأثيره على الأفراد، ويركز لوبون في كتابه على التغيّرات الحاصلة في سلوك الأفراد عندما يكونون جزءا من جماعة كبيرة، مشيرا إلى أن الجماهير حينها يسيطر عليها الاندفاع والهيجان الحماسي وفقدان القدرة على التفكير بطريقة منطقية.
هذا ما حصل في موضوع "الشركة المحلية" لم يقم أحد بتتبع رواية وسردية الشركة، ولماذا رفعت مضطرة أسعارها في السوق المحلي ولم يُقدم أحدا وأنا هنا أقصد بعض "النخب المثقفة" قراءة في المشهد وهل للشركة أحقية في رفع الأسعار أم لا.
وفي المقابل منعت الولايات المتحدة الأمريكية انهيار شركة "جنرال موتورز" و هي أكبر شركة أمريكية مصنعة للسيارات وواحدة من أكبر مصنعي السيارات في العالم تأسست عام 1908 وأعادة الحكومة الأمريكية هيكلتها عام 2009 إبان (الأزمة المالية العالمية) بعد خطة إنقاذ قدمتها وزارة الخزانة الأمريكية للشركة ناهزت 20 مليار دولار.
أمريكا لم تتخلى عن الشركة التي تعد جزءا من الثقافة الأمريكية ومن تاريخ أمريكا الحديث، هكذا يفعل الغرب مع شركاتهم الوطنية، وهناك العشرات من الأمثلة لدعم حكومات أوروبية لشركاتهم الوطنية ومنعها من الانهيار في ظل العولمة التي نعيشها.
وفي المقابل يزخر الأردن كغيره، بل يتميز بوجود شركات محلية يقصدها زوار الاردن من كل أنحاء العالم، مثلا "بن العميد" يطلبها المغتربون الاردنيون في كل دول العالم من أقاربهم وأصدقائهم، تُطلب إلى تركيا والولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج العربي لمذاقها الفريد وجودتها، وليست الوحيدة من بين الشركات الأردنية "بن معروف" و"بن ازحيمان" و "بن نكهة فنجان" و "بن القيسي"، وفي ذات السياق حلويات حبيبة و زلاطيمو وصلت منتجاتهم إلى أغلب أسواق العالم وموجودة على أرفف المحلات العالمية ولا ننسى مطاعم حمادة وأبو جبارة اللذان يقصدهما زوار الأردن وأصبحا جزءا من السردية الأردنية التي تغلبت على رواية دولة الاحتلال بما يقدمانه من أطباق أردنية فلسطينية تفردا بها، وفي مجال المنظفات برز اسم العملاق و اسم هايبكس وسبارتن، وفي شتى المجالات يتواجد براند أردني بني بعرق واجتهاد ابنائه ودعم المجتمع.
لا أستطيع تفهم الهجوم غير المبرر في نظري على هذه الشركة التي أصبحت أيقونة أردنية عالمية في عالم القهوة ولمصلحة من يتم التشهير بهذا "البراند" العالمي والدعوة لمقاطعته، في عالم أصبح اليوم يرى في منتجات غير بلاده خطرا عليه ويضع التعريفات الجمركية لحماية منتجاته.
كان الأجدر الاستماع إلى رواية "الشركة" ومطالبتها بتوضيح وطلب إحاطة منها كونها أصبحت جزءا من التراث الأردني ومستقبلها يهم كل الأردنيين وليس أصحاب الشركة فقط.
وعلى عجالة ارتفعت أسعار القهوة عالميا إلى مستويات قياسية تجاوزت الضعف خلال عام واحد في بلد المنشأ قبل الشحن والنقل والتحميص وباقي كلف التشغيل من رواتب وإيجارات وكهرباء ،،الخ.