الدرعاوي يكتب: إعادة العمل بالتعرفة الجمركية قبل 2022

{title}
أخبار الأردن -

  سلامة الدرعاوي

جاء قرار الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية بنسبة 20  % على الصادرات الأردنية ليلقي بظلاله على العلاقة التجارية بين البلدين، فهذا القرار يكشف بوضوح أن المصالح الاقتصادية باتت تتقدم على الشراكات التقليدية، مما يفرض على الأردن إعادة النظر في سياساته التجارية ودعم صادراته الوطنية لمواجهة هذا التحدي.

لقد كانت الولايات المتحدة وجهة أساسية للصادرات الأردنية، حيث بلغت صادرات الأردن إليها في عام 2024 حوالي 2.208 مليار دينار، بزيادة 12.8  % عن العام السابق، بينما بلغت الواردات حوالي 1.331 مليار دينار، بزيادة 14.6  %، ورغم هذا النمو في الصادرات، إلا أن فرض الرسوم الجمركية الجديدة يضع هذه العلاقة الاقتصادية تحت الضغط، ويستدعي من الحكومة الأردنية اتخاذ خطوات سريعة لتعزيز تنافسية المنتجات الوطنية وتوسيع أسواق التصدير.
في هذا السياق، لا يمكن إغفال تأثير القرارات الاقتصادية المحلية، وخاصة تلك المتعلقة بالنظام الجمركي، على تنافسية الصادرات الأردنية، ففي عام 2022، قررت الحكومة السابقة إعادة هيكلة النظام الجمركي وتخفيض الرسوم إلى أربعة مستويات جمركية: 0 %، 5 %، 15 %، و25 %، حيث كان الهدف المعلن من هذا القرار هو تحسين الأداء الجمركي، زيادة الإيرادات، وتبسيط الإجراءات، لكن على أرض الواقع، لم يتحقق أي من هذه الأهداف بشكل ملموس.
والواقع يشير إلى أن الإيرادات الجمركية انخفضت بدلاً من أن ترتفع، حيث تراجعت الإيرادات، والأخطر من ذلك، لم يظهر أي تأثير ملموس على مكافحة التهريب، خاصة في قطاع الألبسة، الذي لا يزال يواجه تحديات التهريب بشكل كبير.
المشكلة الحقيقية تكمن في أن هذا التخفيض في الرسوم الجمركية كان تنازلًا مجانيًا من الحكومة السابقة دون أي مبرر اقتصادي واضح، ففي وقت كان يتطلب فيه الأمر حماية المنتجات الوطنية ودعم الصناعات المحلية، تم تقديم هذه التسهيلات بشكل غير مدروس.
ولمعالجة الموضوع، قامت الحكومة الحالية بتجميد النسب الجمركية لمدة عامين لإعادة تقييمه، مما يعني أن الحكومة دخلت في دوامة زمنية لعامين، وهذا التجميد المؤقت لا يحل المشكلة، بل يؤجلها، في حين أن المطلوب هو التراجع عن القرار بشكل كامل وإعادة النسب الجمركية إلى ما كانت عليه سابقًا لضمان حماية المنتجات الوطنية ودعم الاقتصاد المحلي بشكل فعّال.
إزاء هذا الواقع، من المهم أن تدرك الحكومة الحالية أن السياسة الجمركية تحتاج إلى إعادة تقييم شاملة، فإذا كان الهدف الحقيقي هو دعم الصادرات الوطنية وزيادة تنافسيتها، فإن خفض الرسوم الجمركية دون دراسة متأنية للسوق لا يخدم هذا الهدف.
علاوة على ذلك، يمكن للحكومة التفكير في سياسة المعاملة بالمثل مع كافة الدول، بحيث يتم فرض رسوم على بعض الواردات، خاصة تلك التي يمكن الاستغناء عنها أو استبدالها بمنتجات محلية، فهذه الخطوة من شأنها تحقيق نوع من التوازن التجاري.
من جهة أخرى، يجب على الحكومة تسريع خطواتها نحو تنويع الأسواق التصديرية، حيث ينبغي تعزيز التعاون التجاري مع دول آسيا وأوروبا وأفريقيا، فهذه الخطوة ستضمن عدم تعرض الاقتصاد الأردني للاضطرابات الناجمة عن أي قرار مفاجئ من شريك تجاري واحد.
في النهاية، يجب أن تكون السياسة الاقتصادية الأردنية أكثر استقلالية ومرونة، بحيث تراعي التغيرات العالمية دون أن تتخلى عن حماية المنتج الوطني، فدعم الصادرات وتذليل العقبات أمامها يجب أن يكون في صلب الأولويات الحكومية، لأن تعزيز الإنتاج المحلي وتوسيع نطاق الأسواق الخارجية هو الطريق الأمثل نحو اقتصاد قوي ومستدام.


 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير