الخيطان يكتب: الأردن وإدارة ترامب.. الرسوم الجمركية وما بعدها

فهد الخيطان
خلية العمل الحكومية التي تشكلت لمناقشة تداعيات القرار الأميركي برفع الرسوم الجمركية وطالت الصادرات الأردنية بنسبة 20 %، تتجه لفتح باب المفاوضات مع الجانب الأميركي سعيا وراء تفاهم بتخفيض النسبة بمقدار 10 %.
تحركات الحكومة ليست بمعزل عن القطاع الخاص الذي يشارك الخلية الوزارية مناقشاتها للموضوع. وأول من أمس التقى وزير الصناعة والتجارة يعرب القضاة أقطاب القطاع الصناعي الأردني، ووضعهم بصورة القرار الحكومي لفتح باب المفاوضات.
وثمة توجه لتكون المفاوضات على مستوى حكومي رفيع، وفي أقرب وقت ممكن. فريق الحكومة الاقتصادي أعد أوراقه في وقت مبكر واستعد لجميع السيناريوهات، استنادا لمراجعة معمّقة لملف العلاقات التجارية بين البلدين.
البيت الأبيض أعلن بالأمس القريب أن نحو خمسين دولة قدمت طلبات للتفاوض حول الرسوم الجمركية. ومن الواضح أن إدارة ترامب منفتحة على تسويات وصفقات مع الجميع تضمن مكاسب عادلة للطرفين.
ذلك يدفعنا للتفاؤل بإمكانية الوصول لتفاهم مع الجانب الأميركي يخفف من حجم الخسائر المترتبة على فرض الرسوم الجمركية.
لكن في الحالة الأردنية الأمر يتعدى ملف الرسوم الجمركية ليطال ملف المساعدات السنوية التي تم تعليقها بشكل شامل لحين مراجعتها واتخاذ القرار المناسب بشأنها وهذا يشمل مساعدات الأردن المقررة من جانب الكونغرس لدعم الموازنة، إضافة لمشاريع أخرى ضمن برامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ويركز الأردن بشكل خاص على المشاريع في قطاع المياه لما لها من أهمية إستراتيجية في المستقبل.
المفاوضات مع إدارة ترامب حول ملفات اقتصادية وتجارية هي مناسبة لإعادة تعريف العلاقات الأردنية الأميركية على مختلف المستويات. فمنذ وصول إدارة ترامب للبيت الأبيض، تعاني هذه العلاقة من حالة إبهام غير مسبوقة، بسبب التباينات بين الطرفين حيال ملفات المنطقة وفي المقدم منها القضية الفلسطينية والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
من الواضح أن هناك موقفا أميركيا متحفظا على السياسات الأردنية تجاه أزمة غزة. وعلى الجانب الأردني تشعر النخب السياسية الأردنية بالمرارة من السلوك الأميركي تجاه الأردن، خاصة بعد تعليق المساعدات الاقتصادية بالرغم من أن القرار لا يخص الأردن وحده. لكن النخب ترى فيه تنكرا أميركيا لعقود طويلة من التحالف الإستراتيجي بين البلدين وتقليلا من مكانة الأردن في هذا التحالف الذي لعب الأردن فيه دورا محوريا خلال سنوات الحرب المستمرة على الإرهاب وإدارة المصالح المشتركة في المنطقة وتنسيق السياسات بما يراعي مصالح أميركا وتوجهاتها السياسية في أحيان كثيرة.
بكل الأحوال لا بديل عن العلاقة الإستراتيجية مع الولايات المتحدة الأميركية، وأيا تكن التباينات في مواقف الطريق فلا بديل على الحوار والتواصل لتذليلها واستعادة زخم العلاقة لمستوياتها المعهودة، دون التقليل من الحاجة لتمتين علاقات الأردن مع الشركاء الأوروبيين والنظر في تطوير العلاقات مع القوى الكبرى في العالم بما لا يتعارض والمصالح الأردنية.