أبوطير يكتب: هل ستقع الحرب في حزيران؟

ماهر أبو طير
هناك اتصالات سريّة بين طهران وواشنطن من أجل محاولة تجنب حرب كبرى، والوسطاء هنا عرب وأجانب، وما تزال هذه الاتصالات متواصلة برغم التهديدات العلنية المتبادلة.
يأتي السؤال حول إذا ما كانت ستواجه إيران حربا أميركية إسرائيلية، أم سيتم الوصول إلى توافقات حول 3 ملفات، هي السلاح النووي، الصواريخ البالستية، والنفوذ الإقليمي، وهي ملفات حساسة وصعبة، في الوقت الذي تحاول فيه إيران تجنب الحرب بشكل منطقي، مع الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في إيران، فيما الولايات المتحدة وإسرائيل تدركان أن ضربة لإيران قد تتوسع إلى حرب إقليمية، تترك أثرا حادا على كل المنطقة العربية، والإقليم أيضا.
في ذات التزامن تحشد الولايات المتحدة قواتها العسكرية في المنطقة، وهي أيضا للمصادفة تواجه اضطرابا غير مسبوق داخل الولايات المتحدة بعد سياسة التعرفات الجمركية، حيث تخسر الأسهم ترليونات الدولارات وتجر واشنطن معها الحلفاء الغربيين والعرب وغيرهم، بما يجعل السؤال حول صلاحية التوقيت أصلا، لشن ضربة ضد إيران سؤالا منطقيا، خصوصا، أن واشنطن لا ينقصها في هذا التوقيت الحساس اقتصاديا، أن تغرق في حرب إقليمية، تستنزف مواردها، أو تؤدي إلى انهيارات اقتصادية غير متوقعة أو غير محسوبة.
هذا يعني أن الإدارة الأميركية تدرس الكلف، وراء كل هذا الضجيج، ورئيس الحكومة الإسرائيلية الذي يزور واشنطن ربما للحصول على دعم أميركي لضرب إيران، يصل في توقيت تهتز فيه الولايات المتحدة اقتصاديا، ولا أحد يعرف إذا ما كانت وواشنطن ستندفع نحو ضربة لإيران، ستكون مكلفة جدا، في ظل الهزات الارتدادية التي تعيشها الولايات المتحدة، أم أن واشنطن ستفضل التريث أمام حسابات كثيرة، خصوصا، من بينها عدم وجود ضمانات أصلا، أن لا تتوسع الحرب، وتمتد إلى كل المنطقة، وحلفاء واشنطن، بما فيها إسرائيل، وهو ملف أمني- عسكري، لا يمكن التخفيف من كلفته، خصوصا، مع التكتل العالمي الناشئ بشكل أعمق ضد سياسات واشنطن، بعد التهور الذي تتسم به إدارة الرئيس الحالي.
السيناريوهات المتوقعة تتحدث عن عدة احتمالات، أولها الوصول إلى تسوية مع الإيرانيين، لأن طهران أيضا لا تريد الحرب، بعد أن خسرت حلفاءها في المنطقة، وشعبها يعاني من العقوبات، وماهية شروط هذه التسوية المحتملة، حتى لا نبالغ بالقول إن إيران سترفض التسوية، وهو أمر غير صحيح، وثانيها توجيه ضربة محدودة لإيران، لا تؤدي إلى رد إيراني واسع، أو حرب إقليمية، وثالثها التورط بضربة كبرى، لا تمنع إيران من توجيه رد فعل، قد يكون عشوائيا أيضا، ويؤدي إلى زلزلة المنطقة، مرورا بالاحتلال الإسرائيلي.
العقدة تكمن من جهة ثانية في أن إسرائيل تخوض معارك على جبهات عديدة داخل فلسطين، وسورية، ولبنان، واليمن، وربما العراق لاحقا، وصولا إلى إيران، وتوقيت المعارك الحالية يتزامن مع تغير جوهري في الاقتصاد الأميركي قد يعرقل أو يؤخر شراكة واشنطن في الحرب، برغم أن الحرب من جهة ثانية قد تكون مخرج نجاة للرئيس الأميركي، ورئيس الحكومة الإسرائيلية من استحقاقات داخلية، سياسية واقتصادية.
سوف تتضح كل تفاصيل المشهد، ربما قبل عيد الأضحى، أي خلال بداية الصيف في شهر حزيران، لاعتبارات كثيرة، لكن المشهد يؤرق المتابعين، فيما تتراجع كل يوم الفكرة التي تقول إن الأميركيين والإيرانيين والإسرائيليين يعملون معا لإنهاك المنطقة وتقاسمها، في سياق تخادم وظيفي، وهذه فكرة عدائية يتبناها مناهضو إيران في المنطقة، لكنها بحاجة إلى اختبار على أرض الواقع، للتأكد من صحتها، أو زيفها، وهذا ما ستثبته الأيام والشهور القليلة المقبلة.
التقديرات تقول إنه حتى نهاية حزيران المقبل في الحد الأعلى، ستكون كل الاحتمالات واردة، أما الحرب في توقيت يناسب العمليات العسكرية الجوية، وغيرها، وقبل ذلك سيتم حسم مصير كل الاتصالات للتهدئة، قبل نهاية حزيران، فشلا أو نجاحا بما يعني وجود احتمال للتسوية أيضا بشروط بعضها سريّ، وبعضها الآخر علني لاستهلاك الجماهير الحاشدة.