الدباس يكتب: الدولة والرأي العام... هما السبب في اختفاء العصيان المدني؟!

{title}
أخبار الأردن -

 

الدكتور محمود عواد الدباس

الكل كان ينتظر صباح الاثنين لمتابعة آخر الأخبار عن العصيان المدني الذي كان من المقرر له أن يكون مفتوحًا منذ صباح هذا اليوم. والمؤكد أن كثيرين، ومنذ الصباح، فتحوا مبكرًا أجهزتهم الخلوية لمعرفة حجم العصيان المدني. لكنهم لم يجدوا شيئًا. الحياة طبيعية جدًا.في تفسير اختفاء العصيان المدني، يبدو أن الدولة، ومعها عموم الرأي العام، لم يقبلوا أن يكون هناك عصيان مدني في الأردن. فلا أساس له ولا مبررات في ظل ما تقدمه الدولة تجاه غزة.

 في هذا المقام، واعتمادًا على هذه النتيجة، أقول: إنه يجب على المعارضة السياسية، من إسلامية ويسارية، أن تعيد قراءة المزاج العام الأردني من جديد، وبدقة. خاصة أن الفشل في حشد المواطنين للمشاركة في العصيان المدني، والذي لم يلقَ إجابة منهم، يعد أنه الفشل الثاني بعد الفشل الأول في الدعوة إلى مظاهرة مليونية في الجمعة الأخيرة قبل رمضان في وسط البلد في عمان.المؤكد أن هنالك فجوة كبيرة بين رؤية المعارضة وما بين المزاج أو الرأي العام. المعارضة غايتها حماس، فيما الرأي العام غايته غزة. ثمة فرق كبير بين الاثنين. المعارضة لها طلبات من الدولة تفوق قدرتها. أما الرأي العام، فهو مقتنع أن الأردن قدم ما يستطيع. حتى أن سياسة تغيير المصطلحات لخداع الجماهير لم تفلح، حيث كان الاسم المستخدم في البداية "عصيان مدني"، ثم أصبح له عنوان جديد "احتجاجات"، لكن المضمون الحقيقي هو العصيان المدني.

في تعامل الدولة مع دعوات العصيان المدني، تناقل كثيرون أن مديرية الأمن العام فعلت حساب واتساب خاصًا لتلقي أي تبليغ عن أي صفحة فيسبوكية تدعو إلى القيام بعصيان مدني، مع إرفاق سكرين شوت يظهر المنشور الفيسبوكي واسم الصفحة التي نُشر عليها. مما ساهم في اختفاء كافة الدعوات التي تحث على المشاركة في العصيان المدني. سبق ذلك القبض على اثنين هتفا ضد الجيش الأردني يوم الجمعة الماضية، مما يعني أن الدولة لم تتسامح هذه المرة مع بعض الأنشطة التي تجاوزت حرية التعبير نحو ما يتخطى الخطوط الحمراء؟! في هذه النقطة، أذكر أن العلاقة الصحيحة بين الدولة من جهة ومعارضتها من جهة أخرى هي أن يكون دور المعارضة في خدمة الدولة، خاصة في الأزمات السياسية. ليس المطلوب بكل تأكيد أن تقول المعارضة [نعم]، إذ أن عليها أن تقول [لا]  بطريقة تخدم الدولة أمام خصومها الخارجيين لتقوية موقفها. لكن عندما تكون المعارضة في وضعية نحر الدولة من داخلها، فذلك له معنى آخر، وهو إضعاف قوة الدولة أمام خصومها الإقليميين والدوليين.

ختامًا، وحيث أن العلاقة بين الديمقراطية والأمن هي علاقة حساسة جدًا، لذلك فإن الأمن وحفظ النظام العام ومنع الفوضى يتقدمان على الديمقراطية. فهل تعى القوى السياسية الإسلامية واليسارية هذه الحقيقة وتتصرف على أساسها؟ أتأمل ذلك؟!

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير