الرواشدة يكتب: ‏هل تمنع "وصمة" الهزيمة وقف الحرب على غزة ؟

{title}
أخبار الأردن -

 

حسين الرواشدة

‏يبدو أن حماس لن ترفع الراية البيضاء حتى لو لم يبقَ في غزة أحد ، إسرائيل ،أيضاً ، لن تقبل إلا بانتصار مطلق حتى لو استنزفتها الحرب ، معادلة وقف الحرب ، إذن، صعبة،  لأن وصمة الاعتراف بالهزيمة  غير واردة ، وبالتالي فإن سباق مكاسرة الإرادات سيستمر .

إرادة المقاومة تستند إلى حقوق
‏مشروعة،  وارث ديني،  ودفاع عن الوجود،  إرادة المحتل تستند ،أيضا ، إلى قوة مفرطة تحظى بتفويض من إدارة ترامب ، وإلى نصوص دينية متطرفة،  وإلى لعبة سياسية داخلية يرفض أقطابها الخروج بدون انتصار عسكري، وأثمان سياسية كبيرة .

‏لا يوجد مسطرة  للنصر او الهزيمة،  لكن يوجد انتصار بفارق الأهداف ، إسرائيل تمكنت خلال ال15 شهراً من إبادة غزة ، وتقطيع أذرع إيران ، وإضعاف ساحات المقاومة وتحييدها،  تمكنت ،  أيضا،  من فرض معادلات جديدة في المنطقة،  امنياً وسياسياً ، وتكاد أن تتحول،  أو تحولت فعلا،  إلى " شرطي" أو قوة ضاربة في الشرق الاوسط ، المقاومة ، أيضا ، هشّمت في 7 أكتوبر صورة إسرائيل،  واستطاعت أن تصمد أمام جبروتها العسكري،   وألحقت بها خسائر مادية ومعنوية،  المقاومة ، أيضا ، لا يمكن استئصالها ، فهي باقية ما بقي الاحتلال.

‏من سجّل أهدافا أكثر؟ لا يمكن ،بالطبع ، المقارنة بين دولة تمتلك أقوى الجيوش ، وتحظى بدعم عالمي وتفويض أمريكي ، وبين مقاومة محدودة الإمكانيات ، معزولة عن أي دعم أو مساندة ، لا يمكن ،أيضا ، انكار حجم الخسارات الكبيرة التي تكبدتها فصائل المقاومة ، سواء من ناحية الأسلحة والإمكانيات العسكرية ، أو من ناحية التدمير وعدد الشهداء والكوارث الإنسانية ، ما يعني أن رفع سقف التوقعات او المطالبات من المقاومة (تحت بند الأمنيات والرغبات أو الدفاع عن الكرامة)  بالإستمرار في الحرب،  وتحمل المزيد من الإبادة ، يبدو غير منطقي ولا إخلاقي ، ولا يحمل أي وجاهة سياسية أو إنسانية.

‏أعرف ، تماما،  أن الكثيرين، وأنا منهم ، سيستدعون حالة النظام العربي الذي خذل المقاومة ، والمصير القادم للمنطقة الذي ستقرره إسرائيل ولن ينجو منه أحد ، وربما يستدعي آخرون أزمة إسرائيل ونقاط ضعفها،  ثم المقاومة كخيار وحيد لكبح مشروع تصفية القضية الفلسطينية ، هذا كله مفهوم ومشروع ، لكن الواقع يشير إلى حقائق أخرى لا يمكن إنكارها،  أهمها : القضية الفلسطينية لم تعد أولوية،  لا في العالم ولا عند معظم الدول العربية،  كما ان الواقع الفلسطيني المنقسم أصبح عاجزا عن حملها ، والأهم أن مشروع حرب إسرائيل الكبرى الذي يتبناه ترامب تجاوز فلسطين إلى المنطقة كلها ، وعليه أصبح سؤال (كيف ننجو ) عنواناً للكثيرين في المنطقة، وهو سؤال مشروع في ظل واقع مأزوم.

‏كيف تفكر حماس للخروج من هذه الحرب أو وقفها،  وهل بقي لديها ما يلزم من أوراق (غير  59 رهينة) للتفاوض عليها ؟ ثم كيف تفكر تل أبيب لانتزاع انتصار كبير ،  يرد اليها اعتبارها ويدحض  فكرة انكسار هيبتها وقوتها في 7 أكتوبر ؟ الإجابات صعبة وتحتاج إلى نقاش طويل ، لكن المؤكد أن حماس ،ومعها المقاومة ، ستظل تواجه حتى آخر رمق،  ولن تتخلى عن سلاحها إلا إذا تم تجريدها منه بالقوة ، كما أن إسرائيل لن توقف الحرب إلا إذا طوت صفحة الرهائن ، ونزعت سلاح المقاومة ، وأنهت وجودها  في غزة، من ينتصر ، إذن، إرادة القوة أم قوة الإرادة؟ اترك الإجابة للقارئ الكريم

‏في موازاة ذلك ، حرب إسرائيل على غزة ستبقى حلقة في سلسلة حلقات ممتدة ، القادم القريب سيكون حسم ملف الضفة الفلسطينية ، بعدها  ترسيم حدود المواجهة مع إيران وما تبقى من اذرعها في المنطقة ، وعندئذ ستتحرك واشنطن ،في تقديري،  لإصدار وعد ترامب الذي سيكون بمثابة وعد بلفور جديد لإعادة ترتيب خرائط النفوذ وربما الجغرافيا في الهلال الخصيب ، هل سينجح هذا المشروع الكبير  أم لا ؟ لا أدري ، لكن المؤكد أننا أمام مرحلة قادمة مزدحمة بالأخطار والمفاجآت ، والتحولات غير المسبوقة .

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير