أحمد عوض يكتب: العالم على شفا أزمة اقتصادية جديدة

أحمد عوض
تشير التوقعات الاقتصادية إلى أن العالم قد يشهد قريباً ركودا اقتصادياً جديداً، وذلك بسبب ظهور علامات ركود وتضخم في الاقتصاد الأميركي. يعود السبب الرئيس لهذه التوقعات إلى السياسات التجارية التي اعتمدتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ توليه منصبه في كانون الثاني/ يناير الماضي. فقد تسببت قراراته الأخيرة، مثل فرض رسوم جمركية على واردات من دول مثل كندا والمكسيك والصين، في اضطراب الأسواق المالية الأميركية. وقد خسرت الأسواق المالية الأميركية أكثر من 4 تريليونات دولار، كما انخفضت ثقة المستهلكين بشكل ملحوظ، حيث تراجع مؤشر جامعة ميشيغان لثقة المستهلك في أميركا بأكثر من 15 بالمائة خلال شهرين فقط، ما يؤشر على قلق المستهلكين من ارتفاع الأسعار وتأثيره على قوتهم الشرائية. ولم يقتصر تأثير هذه السياسات على الأسواق المالية فقط، بل امتد أيضا إلى قطاعات الإنتاج والتوظيف. فقد أظهرت بيانات وزارة العمل الأميركية تباطؤا في نمو الوظائف، وسجلت أدنى معدل توظيف شهري منذ عام 2020. كما أن الشركات الأميركية بدأت في تقليل استثماراتها بسبب ارتفاع تكاليف المواد الخام المستوردة، مما أثر سلباً على النمو الصناعي. وقد توقع بنك "جي بي مورغان" أن الاقتصاد الأميركي قد يدخل في حالة ركود خلال الأشهر الستة المقبلة. وأكدت تقارير حديثة صادرة عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي أن سياسات الإدارة الأميركية تشكل خطرا على استقرار الاقتصاد العالمي. وتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة أقل من 1 بالمائة بحلول نهاية العام الحالي، مع ارتفاع مخاطر التضخم إلى مستويات غير مسبوقة منذ الأزمة المالية العالمية في 2008. وقد انعكست هذه السياسات على الاقتصاد العالمي، حيث أدت الى حدوث اضطرابات في الأسواق الأوروبية والصينية جراء خوف المستثمرين من تباطؤ الاقتصاد الأميركي.
وبدأ الاتحاد الأوروبي يشعر بتأثير هذه السياسات، حيث سجل الاقتصاد الألماني انخفاضاً بنسبة 0.4 بالمائة في الناتج المحلي الإجمالي خلال الشهرين الماضيين. وتواجه الصين أيضا ضغوطا كبيرة بسبب السياسات التجارية الأميركية الجديدة، مما أدى إلى انخفاض أسعار الأسهم. وقد يؤدي استمرار هذه التوترات إلى خسائر تصل إلى 300 مليار دولار سنويا في عائدات الصادرات الصينية حسب مصادر صينية رسمية، مما قد يدفع الصين إلى اتخاذ إجراءات تجارية انتقامية. التهديد الأكبر الذي يواجه الاقتصاد العالمي هو خطر "الركود التضخمي"، حيث يتزامن تباطؤ النمو الاقتصادي مع ارتفاع التضخم، والذي يعود بشكل أساسي إلى أن السياسات التجارية الحمائية تزيد من تكلفة السلع المستوردة، بينما يحد الركود الاقتصادي من قدرة الأجور على مواكبة ارتفاع الأسعار. فوفقا لتقرير صندوق النقد الدولي، قد تصل معدلات التضخم في الولايات المتحدة إلى 6 بالمائة بحلول نهاية 2025، مما قد يجبر الاحتياطي الفيدرالي على رفع أسعار الفائدة، وبالتالي زيادة التباطؤ في النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة. هذه التطورات تظهر المخاطر الكبيرة للسياسات الاقتصادية الأميركية، التي قد تدفع الاقتصاد العالمي إلى أزمة جديدة قد تكون أسوأ من أزمة 2008.