التل يكتب: الدروز السوريون والمصيدة الإسرائيلية !!

{title}
أخبار الأردن -

  محمد حسن التل
 

كان مفاجئا وصادمًا موقف جزء من الطائفة الدرزية العربية في سورية حين وجهوا بوصلتهم إلى إسرائيل بدل أن يوجهوها إلى مصلحة شعبهم ليكون لهم دورا في إنقاذ بلادهم من حالة الدمار التي تعاني منها وهم يشكلون فيها عبر التاريخ ركيزة أساسية ولأجدادهم بقيادة سلطان الأطرش أروع الملاحم التي سطرت في تاريخ الكفاح السوري والعربي ضد الاستعمار، ولا زالت مناهج العرب الدراسية وكتب التاريخ تشيد بهذا الكفاح، لكن ما يقوم به البعض منهم اليوم في سورية مغاير تمامًا لتاريخ هذه الطائفة التي يراد لها أن تنزع عروبتها من أجل مصالح ذاتية ضيقة ومشاريع إسرائيلية مكشوفة تستهدف سوريا بكل مكوناتها..

ألم ينتبه هؤلاء إلى مشبوهية الإنقلاب الإسرائيلي وتحول الإسرائيلين فجأة إلى احترام الدروز العرب ووصفهم من قبل نتنياهو بأنهم إخوته؟
ألم يستوعب هؤلاء أن هذا التحول الإسرائيلي المفاجيء بعد خمسين عاما ليس محبة بهم بل لأجل مشروعه في تمزيق سورية، وجعلهم حطب النار التي يريد أن يشعلها هناك؟

ربما لهؤلاء ملاحظات على ما يتم إنجازه أو يتم الإتفاق عليه في دمشق كبعض السوريين ، ولكن هذا لا يبرر أن يأخذوا موقفًا معاديًا ليس من الدولة فقط بل من تطلعات وآمال الشعب السوري في الوحدة والمحافظة على جغرافية سوريا موحدة وإعادة بناء دولتهم وحياتهم.

الخطوة التي قام بها عدد من رموز هذه الطائفة بتوجههم إلى إسرائيل تحت حجة زيارة المقامات الدينية حجة مهلهلة ومكشوفة، فقد وقع القوم في المصيدة الإسرائيلية سواء بقصد أو بدون قصد، واصطادهم نتنياهو ونجحت محاولاته المستميتة لإيجاد شرخ في خارطة الشعب السوري حتى ولو كان شرخا صغيرا لكنه من الممكن أن يؤسس أرضية لمشروعه في تقسيم سوريا إلى دويلات هشة ومتنازعة فاقدة لكل ملامح الدولة، وبالتالي تتحول سوريا إلى ليبيا جديدة أو إلى حالة الصوملة سيئة الذكر.

وهنا لن يكون الأثر المدمر فقط على سوريا نفسها، ولكنه سيكون على المنطقة بكاملها، وساعتها لن تستطيع أي قوة مهما كانت أن تلجم النار إذا اندلعت وستتحول سوريا إلى ساحة كبرى للإرهاب والتناحر، و ستعمل كل طائفة فيها على تدمير الطائفة الأخرى تحت عنوان الثأر.

ربما نجحت إسرائيل ولو قليلا بالتأسيس لشرخ بين السوريين من جهة، وبين جزء من إخوانهم الدروز من جهة أخرى مع الإشارة أن معظم أبناء هذه الطائفة يرفضون ما يقوم به البعض منهم في المضي نحو الطريق الإسرائيلي الذي سيغلق بوجوههم حينما تتحقق الغاية الإسرائيلية من التقارب معهم لكنها لن تستطيع الاستمرار بهذا الطريق اذا وجدت أن السوريين قدموا المصلحة الوطنية على كل شيء.

الآن وفي هذا الظرف الذي تمر به البلاد بمنعطف خطير وتاريخي في سوريا ، الواجب على الدولة المركزية في دمشق أن تبذل أقصى الجهد وأعظمه من أجل لملمة الموضوع والجلوس مع هؤلاء للوصول إلى حلول مشتركة، وحتى لو تنازلت الدولة قليلًا لهم لتغلق الباب بوجه إسرائيل وتفشل مخططاتها وليس مع الدروز فقط بل مع كل جهة سورية لها اعتراض أو تحفظ على بعض الامور التي تمت ،حتى لا تفلت زمام الأمور ويدخل الجميع في فوضى
وحتى لا تفقد الزخم العربي والدولي في الدعم الذي تحقق بعد سقوط نظام الأسد الذي كان السبب بكل ما تعانيه سوريا اليوم .

ومن واجب الدول العربية اليوم ألا تترك سوريا فريسة سهلة لإسرائيل وأن تتدخل بقوة لإيجاد اتفاق شامل بين السوريين وحماية سوريا مما يتخوف منه الجميع .


 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير