الهزايمة يكتب: الأردن في مواجهة مخطط التهجير: صمود في وجه التهديدات
هاني الهزايمة
يعود الحديث مجددًا عن مخططات التهجير القسري للفلسطينيين، مع تصاعد التصريحات الصادمة الصادرة عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي تثير مخاوف جدية بشأن مصير الشعب الفلسطيني والمنطقة بأسرها. فبعد قراراته المثيرة للجدل خلال ولايته السابقة، ومنها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ووقف المساعدات عن وكالة الأونروا، يواجه العالم اليوم احتمال تنفيذ مخطط أشد خطورة، يهدف إلى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، في خطوة تهدد بتصفية القضية الفلسطينية عبر فرض واقع جديد يخدم الاحتلال الإسرائيلي.
في ظل هذه التهديدات، الأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، أكد مرارًا أن الأردن لن يكون جزءًا من أي مخطط يستهدف الهوية الفلسطينية أو يسعى لتغيير التوازن الديموغرافي في المنطقة. الموقف الأردني جاء حاسمًا وواضحًا، رافضًا أي حلول تتجاوز الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ومتمسكًا بحل الدولتين كخيار وحيد لإنهاء الصراع. فالحديث عن تهجير سكان غزة أو فرض واقع جديد يتعارض مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وهو ما يدفع الأردن إلى التحرك بكل ثقله الدبلوماسي للحيلولة دون تنفيذ هذا المخطط.
الرفض الأردني لم يكن موقفًا رسميًا فقط، بل انعكس على الشارع الأردني، الذي خرج في مسيرات غاضبة تنديدًا بأي محاولة للمساس بالقضية الفلسطينية. الأردنيون، الذين يعتبرون فلسطين قضيتهم المركزية، شددوا على دعمهم المطلق لموقف جلالة الملك، مؤكدين أن أي محاولة لفرض التهجير ستكون بمثابة اعتداء على الأمن القومي الأردني، القوى السياسية والنقابات والفعاليات الشعبية عبرت بصوت واحد عن رفضها القاطع لأي مشروع يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن أو الشعب الفلسطيني، في موقف يعكس وعيًا عميقًا بحجم المخاطر المحدقة.
الدعم العربي لموقف الأردن لم يتأخر، حيث جاءت المواقف الرسمية من عدة عواصم عربية مؤكدة رفضها القاطع لأي تهجير قسري للفلسطينيين، لما يشكله من خطر على استقرار المنطقة بأسرها. القمم العربية الأخيرة شهدت إجماعًا على أن أي محاولات لفرض حلول غير عادلة للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي لن تجد قبولًا عربيًا، خاصة في ظل تزايد المخاوف من أن يكون التهجير خطوة أولى لفرض حل سياسي يخدم الاحتلال على حساب الحقوق الفلسطينية المشروعة.
ورغم أن إدارة ترامب تتمتع بنفوذ واسع وتؤيد السياسات الإسرائيلية بشكل غير مسبوق، إلا أن تنفيذ هذا المخطط يواجه عقبات عديدة، أبرزها الرفض الدولي لأي عمليات تهجير قسري باعتبارها انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، إضافة إلى صمود الفلسطينيين الذين يرفضون مغادرة أرضهم رغم الحصار والعدوان المتواصل. إلى جانب ذلك، فإن الأردن، المدعوم بموقف عربي صلب، لن يسمح بتمرير أي مخطط من شأنه أن يهدد أمنه واستقراره، وسيواصل تحركاته الدبلوماسية والسياسية لمنع تنفيذ هذا السيناريو الكارثي.
في ظل هذه التحديات، يمارس الاردن دوره ضمن منظومة العمل العربية والدولية، حيث يقود جلالة الملك عبد الله الثاني الجهود الرامية إلى إحباط أي محاولات لتصفية القضية أو تهجير الفلسطينيين. الموقف الأردني ليس مجرد موقف سياسي، بل هو التزام وطني وقومي، نابع من قناعة راسخة بأن فلسطين ليست مجرد قضية حدود، بل قضية هوية وحقوق تاريخية غير قابلة للمساومة. وبينما تتواصل التهديدات، يظل الأردن ثابتًا في موقفه: لا للوطن البديل، لا للتهجير، لا لتصفية القضية الفلسطينية، حتى يتحقق العدل، وينال الشعب الفلسطيني حقوقه الكاملة، وفي ?قدمتها دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

