ارجوب يكتب: تأثير الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري: قدرات متقدمة وتحديات أخلاقية
م.احمد زهير ارجوب
يُعيد الذكاء الاصطناعي صياغة مفهوم الحرب الحديثة بتقديمه لأدوات وأساليب قتالية متطورة ترفع من كفاءة وفتك الأسلحة التقليدية. هذه الخوارزميات الذكية، التي تعتمد بشكل أساسي على قدرتها على تحليل البيانات واكتشاف الأنماط والتنبؤ بالتحركات المستقبلية، تمكن الأسلحة من أن تصبح ذاتية الحركة واتخاذ قرارات مستقلة بناءً على التحليلات الدقيقة للبيئة المحيطة، ما يضمن دقة استهداف عالية ونتائج مدمرة.
أحد الأمثلة البارزة على استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري هو تطوير الطائرات بدون طيار، التي تُستخدم للمراقبة والهجوم. هذه الطائرات تستطيع جمع كميات هائلة من البيانات من مصادر مختلفة كالصور الجوية او المعلومات الاستخبارتية وحتى صور الاقار الصناعية، ومن ثم يتم تحليل هذه البيانات لتحديد الأهداف بدقة متناهية لتتمكن من تحديد الأماكن التي يُحتمل أن تُسبب أقصى قدر من الدمار، مثل المناطق المأهولة بالسكان، بناءً على معطيات البيئة المستهدفة.
تطورت الهجمات السيبرانية لتصبح أداة حربية ذات ضراوة ملحوظة، حيث تمكنت من الوصول إلى مراكز المعلومات الحساسة والتجسس عليها أو حتى تعطيل البنية التحتية التقنية بشكل كامل. الخوارزميات المتطورة في هذا المجال لا تقتصر على الدفاع والهجوم الإلكتروني فقط، بل تشمل أيضاً القدرة على تنفيذ عمليات تخريبية متقنة تستهدف أساسيات تشغيل الدول ومرافقها الحيوية.
من ناحية أخرى، استغلت نفس هذه الخوارزميات المتقدمة في إنتاج محتويات مُزيّفة بجودة عالية تشبه الحقيقة بدرجة كبيرة، مما يمكّنها من التأثير في الرأي العام وتوجيه الانتباه المجتمعي نحو قضايا معينة. هذا النوع من التضليل يعمل على تحقيق أهداف استراتيجية من خلال تبديل الحقائق وتشكيل الوعي العام، وهو ما يُمثل تحدياً كبيراً للمصداقية والأمان الإعلامي في زمن الحروب.
مع كل هذه التطورات، يُطرح سؤال أخلاقي كبير حول مدى جواز استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري، خصوصاً فيما يتعلق بالأسلحة الذاتية القرار. العالم اليوم مُطالب بالتفكير جدياً في وضع قوانين دولية واضحة تحكم استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب، لضمان عدم استغلال هذه التقنيات بشكل يهدد الإنسانية ويخرق الأخلاقيات الدولية.
