العزة يكتب: الأردن هو الأردن وفلسطين هي فلسطين
د. محمد العزة
الشارع الأردني عبر عن نفسه وحسم موقفه الوطني الصادق الحقيقي المؤيد والملتف حول قيادته الهاشمية، المدافع عن وطنه الاردني ولقضيته المركزية القضية الفلسطينية، ذلك الموقف النابع من جذور هويته ومن أصالة نشأته وسجل تاريخه المشرف الحافل بالمواقف السياسية والعسكرية البطولية الدالة على طيب أخلاقه ورفيع مكارمه، وشجاعة عشائره، وواسع فكره الاردني العروبي، وتنوع ثقافة مجتمعه الاجتماعية التراثية، و وعيه للأحداث السياسية، وقدرته على استيعابها والتعامل معها، هو ذاته الشعب الذي قال عنه الحسين بن طلال رحمه الله واكرم مثواه: « إني أحب هذا الشعب فلولاه لما كنت شيئا مذكورا « الذي جعل انسانه ومواطنه اغلى ما يملك، ليرد هذا الشعب اليوم وفاء للحسين وتأكيدا وإكراما لمواقف ومقولة ابا الحسين الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه في يوم البيعة والوفاء بأن الاردن سيظل وسيكون اولا والاقوى مستقبلا.
جاء هذا التعبير عبر نزول الجماهير الغفيرة من أبناء الاردن العظيم النشامى من شتى المشارب الفكرية والسياسة والاجتماعية إلى شوارع المحافظات لتطوف الميادين والساحات لم تمنعهم الظروف الجوية الباردة الماطرة عن تلبية نداء وطنهم، وتأدية واجبهم في إقامة الوقفات رفضا لاي تصريح همسا أو جهرا يمس بأمن الاردن واستقراره، صادرا عن اين من كان أو يكون، محاكيا موقف الامس وفي نفس التاريخ والتوقيت وظروف الطقس الصعبة في عام 99 حيث لم يمنعهم عن وداع الحسين بن طلال رحمه الله يوم وفاته، لينهضوا في اليوم التالي لبيعة ملكهم الجديد وليكملوا مسيرة وطنهم بكل إصرار بما عاهدوا عليه وما بدولوا تبديلا.
هو الاردن وجماهير شعبه الأبي من وسط الميادين رفعوا عناوين كثيرة وعدة أبرزها ( الاردن هو الاردن وفلسطين هي فلسطين ) ( الاردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين) وهي شعارات تستحق أن تصبح بنودا لتشريعات وقوانين داخل دستورنا لكن بعد فهمها ومعرفة معناها وأبعادها ورسائلها السياسية للداخل الاردني وخارجه.
الرسالة الخارجية :
جوهرها وفحواها من الشعار هو أن الاردن لما تقتضيه الأحداث والمستجدات وتداعياتها وطبيعة موقعه الجيوسياسي وتاريخه الديبلوماسي والوطني تجاه القضية الفلسطينية، اتخذ موقف الانفصال الكياني الجغرافي حفاظا ودرءا وتصديا لمشروع التهجير القسري للشعب الفلسطيني الذي هو اصلا مخالف لمبادئ القوانين والمعاهدات الدولية وانتهاكا لحقوق توأمه الفلسطيني الشرعية وحقه في إقامة دولته المستقلة فوق ترابه الوطني التاريخي، ولم يرفع الاردن هذا الشعار انفكاكا أو تخليا عن دوره السياسي والتاريخي والديني والوطني تجاه القضية الفلسطينية، كيف لا وهو الأقرب في الجغرافيا والديمغرافيا والاكثر شراكة في الدم والتضحية والمصير وتأثرا بعواملها، لهذا فأن اي مقترح لا يخدم مصلحة الاردن وفلسطين هو من المحرمات.
الرسالة الداخلية :
هي للحكومات واصحاب القرار في مواقع المسؤولية في الدولة الاردنية ولجماهير شعبنا الذين طافوا وانتفضوا بالهتافات من وسط الساحات حاملين شعارات التحدي والتصدي الوطنية السياسية، حيث لم يدعوا مجالا للشك في صدق النية للتعامل إزاء الحالة السياسة الراهنة التي تستهدف الاردن وامنه، وأخذوها على محمل أعلى مستويات الجدية، بل الاستعداد للتضحية وإبداء أعلى درجات الاستعداد والجهوزية، بعيدا عن ارهاصات أو ادعاءات المجاملات أو مظاهر النفاق التي تتقنه بعض الفئات من أصحاب المنافع والمكاسب مقاولين الاحتفالات والمناسبات الوطنية، لأن الحدث فيه تهديد واضح للأمن الوطني القومي الاردني، الذي يرتقي إلى التهديد الوجودي للأردن اذا ما تمت تصفية القضية الفلسطينية على حسابه وهذا لا يحتمل المواقف الرمادية ولا السوداوية، بل هي الموافق الحمراء والأعين الحمراء ( العين الحمرة) لكل من يتجاوز الخطوط الحمراء وتسول له نفسه من القوى السياسية أو المجاميع الفئوية الشعبية الداخلية أو من يتبعوا السفارات الخارجية بالعبث أو المساس بالسيادة الأردنية أو التقليل والحط من مفاهيم وقيم الهوية الأردنية الواحدة والوحدة الوطنية أو محاولة زعزعزة الجبهة الداخلية والاندفاع خلف دعوات مشبوهة تنظيمية أو أقليمة خارجية أو داخلية، بل الجهل وضعف الإدراك والوعي من وراء اي شعار سياسي هو خيانة وخطيئة لا تغتفر لأن فيها إتاحة لبعض المغرضين تجار الاوطان والأديان وقيادات تيار العميان ومنتفعي المناصب بأن يدسوا السم بالدسم ولن نتيح لهم تلك الفرصة.
الحكومات الأردنية عليها واجب ابتكار الحلول والاستدارة للملفات الداخلية وفق مسارات التحديث الثلاث وإبداء الديناميكية والميدانية في العمل والانطلاق من الميدان وإعادة الثقة بهم وإثبات أنهم رجال الدولة الأردنية المعجزة دولة القانون والعدالة والسيادة ورجال الوطن الاردني الذي يستحق الثقة، اردن الكرامة الذي دافع عنه الاجداد والآباء والأبناء قيادة وشعبا الذي يستحق من جميع فئاته وطبقاته دون تمييز خالص الولاء والانتماء والوفاء.
الاردن هو الاردن وفلسطين هي فلسطين وذلك الاحتلال إلى زوال لو بعد حين.

